تفاوت (١) ، فيظهر أنّه رحمهالله في «الفقيه» أيضا فتواه على طريقة الاستحباب.
فما قيل من أنّ ظاهر الكليني وعلي بن بابويه أيضا هو الوجوب (٢) محلّ نظر ، لأنّ الصدوق رحمهالله أعرف بمذهبهما من غيره ، لأنّ أحد نسخ «الكافي» منه ، وأمّا والده فظاهر ، فكيف يقول من دين الإماميّة كذا وكذا؟
وسيجيء أيضا ما يظهر منه أنّ الكليني لم يكن قائلا بالوجوب الاصطلاحي ، على أنّ الشيخ رحمهالله صرّح في «التهذيب» بأنّ الوجوب عندنا ضربين : ضرب على تركه العقاب ، وضرب على تركه اللوم والعتاب (٣).
مع أنّ كلامه في «الفقيه» إن بني على أنّ الوجوب عنده على طريقة المتشرّعة ، فالسنّة أيضا كذلك ، وإلّا فلم يظهر ثبوت هذه الحقيقة في زمانه واصطلاحه.
مع أنّه رحمهالله ربّما يفتي على طبق عبارة الحديث من دون توجيه ، بناء على أنّ مراده ما هو مراد المعصوم عليهالسلام ، فمراده من لفظ «الوجوب» ما هو مراد المعصوم عليهالسلام من هذا اللفظ ، بل ربّما كان غيره أيضا من القدماء يفعل كذلك.
مع أنّه لو كان مراده الوجوب الاصطلاحي الآن ، لما ناسبه الإتيان بلفظ السنّة ، لأنّه ربّما يوهم خلاف مقصوده لا أقلّ منه ، إذ لفظ «الوجوب» لو كان في زمانه حقيقة في المطلوب الذي لا يجوز تركه ـ وكان مراده من لفظه هو هذا المعنى ـ لما ناسبه قيد السنّة ، سيّما وأن يقدمه على لفظ «الوجوب» ويجعل الغسل سنّة ، إلّا أنّه يقيّده بالواجبة ، وخصوصا أنّه كتبه لمن لا يحضره الفقيه.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٤٤ الحديث ١٧٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٠٤ الحديث ٣٧١١.
(٢) ذخيرة المعاد : ٦.
(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤١ ، ذيل الحديث ١٣٢.