والصحيح أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان ، وإليه ذهب الشافعي رضياللهعنه ، يدلّ عليه ما أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد الشيباني قال : أخبرنا عبد الله بن مسلم ، قال : حدّثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، وقال : أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن مسلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها ، فالتمسوها في العشر الغوابر» [١٩٨] (١).
وأخبرنا أبو بكر العباسي قال : أخبرنا أبو الحسن المحفوظي قال : حدّثنا عبد الله بن قاسم قال : حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان وشعبة وإسرائيل عن ابن إسحاق عن هبيرة عن علي رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يوقظ أهله في العشرة الأواخر من رمضان.
وأخبرنا أبو محمد المخلّدي وعبد الله بن حامد قال : أخبرنا مكي قال : حدّثنا عمار بن رجاء قال : حدّثنا أحمد بن أبي طيبة عن عنبسة بن الأزهر عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال : سمعت عليّا رضياللهعنه يقول : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان دأب وأدأب أهله» [١٩٩] (٢) فدلّت هذه الأخبار على أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان.
ثم اختلفوا في أي ليلة فيها فقال أبو سعيد الخدري : هي الليلة الحادية والعشرون ، واحتجّ في ذلك بما أخبرنا أبو نعيم الأزهري قال : حدّثنا أبو عوانة سنة ست عشرة وثلاثمائة ، قال : أخبرنا المزني قال : قال الشافعي : وأخبرنا أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن أحمد المطوعي ، وأبو علي السيوري ، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله المصيبي قالوا : حدّثنا أبو العباس الأصمّ قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعتكف العشر الوسط من شهر رمضان ، فلمّا كانت [ليلة] أحدى وعشرين وهي التي كان يخرج في صبيحتها من اعتكافه قال صلىاللهعليهوسلم : «من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ، فإني رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها ـ وقال ـ وأريتني أسجد في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر ، والتمسوها في كل وتر» [٢٠٠] (٣) فأمطرت السماء في تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد.
قال أبو سعيد [فأبصرت عيناي] رسول الله صلىاللهعليهوسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين.
__________________
(١) كنز العمال : ٨ / ٥٣٣ ح ٢٤٠٢١.
(٢) تفسير مجمع البيان : ١٠ / ٤٠٦.
(٣) سنن أبي داود : ١ / ٣١١.