الحفاظ (١). ومفعولاه «هم» و «أحرص». وتنكير حياة لأنّه أريد فرد مخصوص من أفرادها ، وهي الحياة المتطاولة.
(وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) محمول على المعنى ، فكأنّه قال : أحرص من الناس ومن الّذين أشركوا. وإفرادهم بالذكر للمبالغة ، فإنّ حرصهم شديد ، إذ لم يعرفوا إلّا الحياة العاجلة ، وللزيادة في التوبيخ والتقريع ، فإنّه لمّا زاد حرصهم وهم مقرّون بالجزاء على حرص المنكرين ، دلّ ذلك على علمهم بأنّهم صائرون إلى النار.
ويجوز أن يراد : وأحرص من الّذين أشركوا ، فحذف لدلالة (أَحْرَصَ النَّاسِ) عليه.
وقيل : من الّذين أشركوا المجوس ، لأنّهم كانوا يحيّون مملوكهم ويقولون : عش ألف نيروز وألف مهرجان. قال ابن عبّاس : هو قول بعض الأعاجم منهم لمن عطس : هزار سال بزي (٢).
ويجوز أن يكون (مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) خبر مبتدأ محذوف صفته (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) على أنّه أريد بالّذين أشركوا اليهود ، لأنّهم قالوا : عزير ابن الله ، أي : ومنهم ناس يودّ أحدهم. وهو على الوجهين الأوّلين بيان لزيادة حرصهم على طريق الاستئناف.
وقوله : (لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) حكاية لودادهم. و «لو» بمعنى ليت. وكان أصله لو أعمّر ، فأجري على الغيبة لقوله : «يودّ» ، كقولك : حلف بالله ليفعلنّ. وأصل سنة سنوة ، لقولهم : سنوات. وقيل : سنهة كجبهة ، لقولهم : سانهته ، وتسنّهت النخلة إذا أتت عليها السنون.
(وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) الضمير لـ «أحدهم» و «أن يعمّر»
__________________
(١) يقال : إنه لذو حفاظ ، أي : أن له أنفة.
(٢) زي بالفارسيّة بمعنى : عش ، وهزار بمعنى : ألف ، وسال بمعنى : عام ، أي : عش ألف سنة.