على الله من داخلهم بإصلاح وإفساد ، فيجازيه على حسب قصد مداخلته. فهذا وعد ووعيد لمن خالطهم للإصلاح أو الإفساد.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) لحملكم على العنت ، وهو المشقّة ، وضيّق عليكم في أمر اليتامى ومخالطتهم ، ولم يجوّز لكم مداخلتهم (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب يقدر على الإعنات (حَكِيمٌ) يفعل ما توجبه الحكمة وتتّسع له الطاقة.
(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١))
ثمّ بيّن حكما آخر من أحكام الشريعة فقال : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) نزلت في مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، بعثه رسول الله إلى مكّة ليخرج منها ناسا من المسلمين ، وكان قويّا شجاعا ، فدعته امرأة يقال لها عناق إلى نفسها فأبى ، وكان يهواها ، فقالت : ألا نخلو؟ فقال : إنّ الإسلام حال بيننا ، فقالت : هل لك أن تتزوّج بي؟ فقال : حتى أستأذن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا رجع استأذن في التزوّج بها ، فنزلت. ومعناه : ولا تتزوّجوا النساء الكافرات (حَتَّى يُؤْمِنَ) يصدّقن بالله ورسوله.
وهي عامّة عندنا في تحريم مناكحة جميع الكفّار أهل الكتاب وغيرهم ، فإنّ أهل الكتاب مشركون ، لقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) إلى قوله سبحانه : (عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١) ، ولقول النصارى
__________________
(١) التوبة : ٣٠ ـ ٣١.