القرآن. وإنّما خصّ المتّقين به مع كونه بيانا وهدى وموعظة للناس كافّة ، لأنّ المتّقين هم المنتفعون به ، والمهتدون بهداه ، والمتّعظون بمواعظه.
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (١٤١))
قيل : لمّا انهزم المسلمون في الشعب ، وأقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ لا يعلنّ علينا ، اللهمّ لا قوّة لنا إلّا بك ، اللهمّ ليس يعبدك بهذه البلدة إلّا هؤلاء النفر ، فنزلت : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا) تسلية من الله لرسوله وللمؤمنين عمّا أصابهم يوم أحد. والمعنى : لا تضعفوا عن الجهاد بما أصابكم ، ولا تبالوا بذلك ، ولا تحزنوا على من قتل منكم.
(وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) وحالكم أنّكم أعلى منهم شأنا وأغلب ، فإنّكم على الحقّ ، وقتالكم لله ولإعلاء كلمته ، وقتلاكم في الجنّة ، وأنّهم على الباطل ، وقتالهم للشيطان ، وقتلاهم في النار. أو لأنّكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر ممّا أصابوا منكم اليوم. أو تكون هذه بشارة لهم بالعلوّ والغلبة في العاقبة ، كقوله : (وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (١).
__________________
(١) الصافّات : ١٧٣.