والموعظة والإقرار بالجزاء ليستعدّوا له في الامتثال بالأوامر والانتهاء عن المناهي ، فقال : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا (وَإِنْ تُبْدُوا) تظهروا (ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) يعني : ما فيها ممّا يدخل في التكليف ، من السوء والعزم عليه ، لترتّب المغفرة والعذاب عليه (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) ويجازيكم عليه يوم القيامة (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) مغفرته (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) تعذيبه. وقد رفعهما ابن عامر ويعقوب على الاستئناف ، وجزمهما الباقون عطفا على جواب الشرط. ومن جزم بغير فاء جعلهما بدلا منه ، بدل البعض من الكلّ أو الاشتمال. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على الإحياء والمحاسبة.
عن عبد الله بن عمر أنّه تلاها فقال : لئن أخذنا الله بهذا لنهلكنّ ، فذكر لابن عبّاس فقال : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ، وقد وجد المسلمون منها مثل ما وجد ، فنزل (لا يُكَلِّفُ اللهُ) (١) إلخ.
(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥))
ولمّا ذكر سبحانه فرض الصلاة والزكاة وأحكام الشرع المنتجر (٢) للندائد الدنيويّة والأخرويّة ، ختم السورة بذكر تصديق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمّته بجميع
__________________
(١) يأتي تفسيرها في ص : ٤٤٢.
(٢) كذا في النسخة الخطّية ، ولم نهتد إلى معنى صحيح له ، ولعلّه تحريف : المنجّز للفوائد الدنيويّة ...