أحكامه تعالى وإيمانهم ، فقال : (آمَنَ الرَّسُولُ) أي : صدّق محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) من الأحكام المذكورة في هذه السورة وغيرها. فهو شهادة وتنصيص من الله تعالى على صحّة إيمانه والاعتداد به ، وأنّه جازم في أمره غير شاكّ فيه.
(وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ) كلّ واحد منهم. يجوز أن يكون عطفا على الرسول ، فيكون الضمير ـ الّذي التنوين نائب عنه في قوله : «كلّ» ـ راجعا إلى الرسول والمؤمنين (بِاللهِ) أي : صدّق بثبوت وحدانيّته وصفاته ، ونفي التشبيه عنه ، وتنزيهه عمّا لا يليق به (وَمَلائِكَتِهِ) أي : وبملائكته ، بأنّهم معصومون مطهّرون (وَكُتُبِهِ) أي : وبأنّ القرآن وجميع ما أنزل من الكتب حقّ وصدق (وَرُسُلِهِ) وبجميع أنبيائه. فعلى هذا يوقف عليه.
ويجوز أن يكون مبتدأ ، فيكون الضمير للمؤمنين ، ومعناه : كلّ واحد منهم آمن. وبهذا الاعتبار يصحّ وقوع «كلّ» بخبره خبر المبتدأ. ويكون إفراد «الرسول» بالحكم إمّا لتعظيمه ، أو لأنّ إيمانه عن مشاهدة وعيان ، وإيمانهم عن نظر واستدلال.
وقرأ حمزة والكسائي : وكتابه ، يعني : القرآن ، أو الجنس. والفرق بينه وبين الجمع أنّه شائع مع وحدان الجنس ، لا يخرج منه شيء ، والجمع في جموعه ، فلا يدخل تحته إلّا ما فيه الجنس من الجموع ، ولذلك الكتاب أكثر من الكتب.
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) أي : يقولون : لا نفرّق. وقرأ يعقوب : لا يفرّق بالياء ، على أنّ الفعل لـ «كلّ». والمراد اعترافهم بنفي الفرق بتصديق بعض وتكذيب بعض ، كما فعله أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
(وَقالُوا سَمِعْنا) أجبنا (وَأَطَعْنا) أمرك (غُفْرانَكَ رَبَّنا) اغفر لنا غفرانك ، أو نطلب غفرانك (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) وإلى جزائك وثوابك المرجع بعد الموت. وهو إقرار منهم بالبعث.