ويلتجؤا إليهم ويظهروا المحبّة لهم (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) لأنّ المؤمنين هم الّذين أحقّاء بالموالاة ، لأنّ في موالاتهم كفاية عن موالاة الكفرة.
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي : اتّخاذهم أولياء (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ) من ولايته (فِي شَيْءٍ) يصحّ أن يسمّى ولاية ، فإنّ موالاتي المتعاديين لا يجتمعان.
وقوله : «من الله» في موضع النصب على الحال ، لأنّه في الأصل : فليس في شيء ثابت من الله ، فلمّا تقدّم انتصب على الحال.
(إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) إلّا أن تخافوا من جهتهم ما يجب اتّقاؤه أو اتّقاء. والفعل معدّى بـ «من» ، لأنّه في معنى : تحذروا أو تخافوا. وقرأ يعقوب : تقيّة. وهذه رخصة في موالاتهم عند الخوف. والمراد بهذه الموالاة المخالفة الظاهرة ، والقلب مطمئنّ بالعداوة ، فمنع الله تعالى من موالاتهم ظاهرا وباطنا في الأوقات كلّها إلّا وقت المخافة باطنا ، فإنّ إظهار الموالاة جائز للتقيّة.
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) يخوّفكم الله على موالاة الكفّار عذاب نفسه (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) فلا تتعرّضوا لسخطه بموالاة أعدائه ومخالفة أحكامه. وهذا وعيد شديد مشعر بتناهي المنهيّ في القبح. وذكر النفس ليعلم أنّ المحذّر منه عقاب يصدر من الله ، فلا يبالى دونه بما يحذر من الكفرة.
(قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٣٠))
ولمّا تقدّم النهي عن اتّخاذ الكفّار أولياء خوّفوا من الإبطان ـ بخلاف