(أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ما خصّ بهم من الأجر ووعدوه في قوله تعالى : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) (١). (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) لعلمه بالأعمال وما يستوجبه كلّ عامل من الجزاء ، واستغنائه عن التأمّل والاحتياط. والمراد أنّ الأجر الموعود سريع الوصول ، فإنّ سرعة الحساب تستدعي سرعة الجزاء.
قيل : نزلت هذه الآية في ابن سلام ومن آمن معه. وقيل : في أربعين من نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم ، كانوا على دين عيسى عليهالسلام فأسلموا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠))
ولمّا حكى الله تعالى أحوال المؤمنين والكافرين فيما تقدّم ، حثّ بعد ذلك على الصبر على الطاعة ولزوم الدين والجهاد في سبيل الله ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) على مشاق الطاعات ، وما يصيبكم من الشدائد ، وعن معاصيه (وَصابِرُوا) وغالبوا أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب ، وأعدى عدوّكم في الصبر على مخالفة الهوى. وتخصيصه بعد الأمر بالصبر مطلقا لشدّته وصعوبته. (وَرابِطُوا) أبدانكم وخيولكم في الثغور مترصّدين للغزو ، وأنفسكم على الطاعة ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة». ولهذا روي عن علي عليهالسلام معناه : «انتظروا الصلاة واحدة بعد واحدة».
__________________
(١) القصص : ٥٤.