(لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) لكلّ أجر عمله. والمعنى : أنّ أحدا لا ينفعه كسب غيره ، متقدّما كان أو متأخّرا ، فكما أنّ أولئك لا ينفعهم إلا ما اكتسبوا ، فكذلك أنتم لا ينفعكم إلا ما اكتسبتم ، فانتسابكم إليهم لا يوجب انتفاعكم بأعمالهم ، وإنّما تنتفعون باتّباعهم ، كما وقع في الحديث : «يا بني هاشم لا يأتيني الناس بأعمالهم ، وتأتوني بأنسابكم» يعني لا يكن من الناس : إتيان الأعمال ، ومنكم إتيان الأنساب ، بل ليكن من الجميع إتيان الأعمال.
(وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ولا تؤاخذون بسيّئاتهم ، كما لا تثابون بحسناتهم.
وفي هذه الآية ردّ للّذين افتخروا بآبائهم كما كان دأب الجاهليّة ، ودلالة على بطلان قول المجبّرة : إنّ الأبناء يؤاخذون بذنوب الآباء ، وإنّ ذنوب المسلمين تحمل على الكفّار.
(وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥) قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦))
عن ابن عبّاس : أنّ عبد الله بن صوريا وكعب بن الأشرف ومالك بن الضّيف وجماعة من اليهود ونصارى أهل نجران خاصموا أهل الإسلام ، كلّ فرقة تزعم أنّها أحقّ بدين الله من غيرها ، فقالت اليهود : نبيّنا موسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا التوراة أفضل الكتب ، وقالت النصارى : نبيّنا عيسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا الإنجيل أفضل