بالتثليث (١). والمتأخّرون (٢) من أصحابنا حكموا بحلّ الكتابيّات متعة لا غير. وهو أقوى ، كما قرّر في علم الفقه.
وعن ابن عبّاس ومجاهد أنّ هذه الآية منسوخة في الكتابيّات بالآية التي في المائدة : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) (٣). وعن سعيد بن جبير وقتادة أنّها مخصوصة بغير الكتابيّات. وعن ابن عمر وبعض الزيديّة أنّها على ظاهرها في تحريم نكاح كلّ كافرة ، كتابيّة كانت أو مشركة. وهو مذهبنا. وسيأتي بيان آية المائدة في موضعها إن شاء الله تعالى.
(وَلَأَمَةٌ) أي : المملوكة (مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ) من حرّة مشركة (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) بحسنها وجمالها أو مالها. والواو للحال ، و «لو» بمعنى «إن» الموضوعة للاستقبال ، وهو كثير.
(وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ) ولا تزوّجوا منهم المؤمنات (حَتَّى يُؤْمِنُوا) وهو على عمومه (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) من حرّ مشرك (وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) جماله أو ماله. هذا تعليل للنهي عن مواصلتهم ، وترغيب في مواصلة المؤمنين.
قال في الكشّاف (٤) : المراد بالأمة المرأة حرّة كانت أو مملوكة ، وكذا المراد بالعبد الرجل حرّا كان أو مملوكا ، فإنّ الناس عبيد الله وإماؤه.
(أُولئِكَ) إشارة إلى المشركين والمشركات (يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) أي : الكفر المؤدّي إلى النار ، فلا يليق موالاتهم ومصاهرتهم (وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ) أي : إلى الاعتقاد والعمل الموصلين إليهما. أو أولياء الله ـ يعني : المؤمنين ـ يدعون إليهما بالإرشاد والهداية ، فهم الأحقّاء بالمواصلة. فعلى هذا حذف المضاف وأقام
__________________
(١) المائدة : ٧٣.
(٢) راجع مسالك الافهام ٧ : ٣٦٠.
(٣) المائدة : ٥.
(٤) الكشاف ١ : ٢٦٤.