فيكون «فيه» بمعنى : في فرضه ، كما يقول القائل : أنزل في الزكاة كذا ، أي : في فرضها.
ثمّ وصف سبحانه القرآن بقوله : (هُدىً لِلنَّاسِ) حال من القرآن ، أي : هاديا لهم بإعجازه ودالّا لهم على ما كلّفوه من العلوم (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى) أي : ودلالات بيّنة ممّا يهدي إلى الحقّ. عن ابن عبّاس : المراد بالهدى الأوّل الهدى من الضلالة ، وبالثاني : بيان الحلال والحرام. وقيل : المراد بالأوّل ما كلّف من العلوم ، وبالثاني ما يشتمل عليه من ذكر الأنبياء وشرائعهم وأخبارهم ، لأنّها لا تدرك إلّا بالقرآن (وَالْفُرْقانِ) أي : ممّا يفرّق بين الحقّ والباطل.
وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «القرآن جملة الكتاب ، والفرقان المحكم الواجب العمل «به». ويجوز تسمية الكتاب الفرقان تسمية الكلّ بأشرف أجزائه.
روى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «خطب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس في آخر جمعة من شعبان ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس إنّه قد أظلّكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، وهو شهر رمضان ، فرض الله صيامه ، وجعل قيام ليلة فيه بتطوّع صلاة كمن تطوّع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور ، وجعل لمن تطوّع فيه بخصلة من خصال الخير والبرّ كأجر من أدّى فريضة من فرائض الله فيما سواه ، ومن أدّى فيه فريضة من فرائض الله كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور. وهو شهر الصبر ، وإنّ الصبر ثوابه الجنّة. وهو شهر المواساة. وهو شهر يزيد الله في رزق المؤمن فيه. ومن فطّر فيه مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عتق رقبة ، ومغفرة لذنوبه فيما مضى.
فقيل له : يا رسول الله ليس كلّنا يقدر على أن يفطر صائما.
قال : فإنّ الله تعالى كريم ، يعطي هذا الثواب لمن لم يقدر منكم إلّا على