الوصف والخبر. و «نداولها» يحتمل الخبر والحال. والمراد بها أوقات النصر والغلبة.
وقوله : (وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) عطف على علّة محذوفة ، أي : نداولها ليكون كيت وكيت وليعلم الله ، إيذانا بأنّ العلّة في هذه المداولة غير واحدة من المصالح ما لا يعلم غير الله. أو الفعل المعلّل به محذوف تقديره : وليتميّز الثابتون على الإيمان من غيرهم فعلنا ذلك. وهو من باب التمثيل ، أي : فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت على الإيمان منكم ومن غير الثابت ، وإلّا فإنّه سبحانه لم يزل عالما بما يكون قبل كونه. فالقصد في أمثاله ونقائضه ليس إلى إثبات علمه تعالى ونفيه ، بل إلى إثبات المعلوم ونفيه على طريقة البرهان.
وقيل : معناه : وليعلمهم علما يتعلّق به الجزاء ، وهو أن يعلمهم موجودا. أو المراد بالعلم لازمه ، وهو التمييز ، أي : ليتميّز المؤمنون الثابتون على الإيمان من الّذين على حرف.
وقيل : معناه : ليظهر المعلوم من صبر من يصبر ، وجزع من يجزع.
(وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) أي : وليكرم ناسا منكم بالشهادة ، يريد شهداء أحد. أو يتّخذ منكم شهودا معدّلين على الأمم يوم القيامة ، بما صودف منهم من الثبات والصبر على الشدائد ، كقوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) (١).
(وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الّذين يضمرون خلاف ما يظهرونه ، أو الكافرين.
وهو اعتراض بين بعض التعليل. وفيه تنبيه على أنّه تعالى لا ينصر الكافرين على الحقيقة ، وإنّما يغلّبهم أحيانا استدراجا لهم ، وابتلاء للمؤمنين.
(وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) ليطهّرهم ويصفّيهم من الذنوب إن كانت الدولة عليهم (وَيَمْحَقَ) الله (الْكافِرِينَ) ويهلكهم إن كانت عليهم. والمحق نقص الشيء قليلا قليلا.
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.