وهو المحاكاة (١). فإنها خاصة من بين سائر قوى النفس ، لها قدرة على محاكاة الأشياء المحسوسة التي تبقى محفوظة فيها. فأحيانا تحاكي المحسوسات بالحواس الخمس ، بتركيب المحسوسات المحفوظة عندها المحاكية لتلك ، وأحيانا تحاكي المعقولات ، وأحيانا تحاكي القوة الغاذية. وأحيانا تحاكي القوة النزوعية ، وتحاكي أيضا ما يصادف البدن عليه من المزاج. فانها ، متى صادفت مزاج البدن رطبا ، حاكت الرطوبة بتركيب المحسوسات التي تحاكي الرطوبة ، مثل المياه والسباحة فيها. ومتى كان مزاج البدن يابسا ، حاكت يبوسة البدن بالمحسوسات التي شأنها أن تحاكي بها اليبوسة. وكذلك تحاكي حرارة البدن وبرودته ، إذا اتفق في وقت من الأوقات أن كان مزاجه في وقت ما حارا أو باردا. وقد يمكن ، إن كانت هذه القوة هيئة وصورة في البدن ، أن يكون البدن ، إذا كان على مزاج ما ، أن يفعل (البدن) فيها ذلك المزاج. غير أنها لما كانت نفسانية ، كان قبولها لما يفعل فيها البدن من المزاج على حسب ما في طبيعتها أن تقبله ، لا على حسب ما في طبيعة الأجسام أن تقبل المزاجات. فان الجسم الرطب ، متى فعل رطوبة في جسم ما ، قبل الجسم المنفعل الرطوبة ، فصار رطبا مثل الأول. وهذه القوة ، متى فعل فيها رطوبة أو أدنيت اليها رطوبة ، لم تصر رطبة ، بل تقبل تلك الرطوبة بما تحاكيها من المحسوسات. كما أن القوة الناطقة ، متى قبلت الرطوبة ، فإنها انما تقبل ماهية الرطوبة بأن تعقلها ، ليست
_________________
١) للمتخيلة ثلاثة أفعال : حفظ رسوم المحسوسات وتركيب بعضها إلى بعض والمحاكاة.