فيكون بعضهم قد احتوى من هذه على جودة الخطّ مثلا وعلى شيء من الخطابة؛ وآخر احتوى على اللغة وعلى شيء من الخطابة وعلى جودة الخط؛ وآخر على الأربعة كلها (١).
والتفاضل في الكيفية هو أن يكون اثنان احتويا من أجزاء الكتابة على أشياء بأعيانها ، ويكون أحدهما أقوى فيما احتوى عليه وأكثر دراية. فهذا هو التفاضل في الكيفية (٢).
والسعادات تتفاضل بهذه الأنحاء أيضا.
وأما أهل سائر المدن ، فان أفعالهم ، لما كانت رديئة ، أكسبتهم هيئات نفسانية رديئة ، كما أن أفعال الكتابة متى كانت رديئة على غير ما شأن الكتابة أن تكون عليها ، تكسب الانسان كتابة أسوأ رديئة ناقصة. وكلما ازدادت من تلك الأفعال ازدادت صناعته نقصا. وكذلك الأفعال الرديئة من أفعال سائر المدن تكسب أنفسهم هيئات رديئة ناقصة ، وكلما واظب واحد منهم على تلك الأفعال ازدادت هيئته النفسانية نقصا ، فتصير أنفسهم مرضى. فلذلك ربما التذّوا بالهيئات التي يستفيدونها بتلك الأفعال ، كما أن مرضى الأبدان ، مثل كثير من المحمومين ، لفساد مزاجهم ، يستلذّون الأشياء التي ليس شأنها أن يلتذّ بها من الطعوم ، ويتأذّون بالأشياء التي شأنها أن تكون لذيذة ، ولا يحسون بطعوم الأشياء الحلوة التي من شأنها أن تكون لذيذة. كذلك مرضى الأنفس ، بفساد تخيّلهم الذي اكتسبوه بالارادة والعادة ،
_________________
١) الصنائع تتفاضل بالكمية.
٢) الصنائع تتفاضل بالكيفية.