بالمعاملة الارادية. وقوم منهم رأوا أن الطائفة المعاملة منها هي إناثهم ، والمغالبة هي ذكورهم. وإذا ضعف بعضهم عن المغالبة جعل في المعاملة. فان لم يصلح لا لذا ولا لذاك جعل فضلا. وآخرون رأوا أن تكون الطائفة المعاملة قوما آخرين غير ما يغلبونهم ويستعبدونهم ، فيكونوا هم المتولّين لضرورتهم ولحفظ الخيرات التي يغلبون عليها وامدادها وتزييدها (١).
وآخرون قالوا إن التغالب في الموجودات إنما هي بين الأنواع المختلفة ، واما الداخلة تحت نوع واحد فان النوع هو رابطها الذي لأجله ينبغي أن يتسالم. فالإنسانية للناس هي الرباط؛ فينبغي أن يتسالموا بالانسانية ، ثم يغالبون غيرهم فيما ينتفعون به من سائرها ويتركون ما لا ينتفعون به. فما كان مما لا ينتفع به ضارا غلب على وجوده ، وما لم يكن ضارا تركوه. وقالوا : فإذا كان كذلك فإن الخيرات التي سبيلها أن يكتسبها بعضهم عن بعض ، فينبغي أن تكون بالمعاملات الارادية ، والتي سبيلها أن تكتسب وتستفاد من سائر الأنواع الأخر ، فينبغي أن تكون بالغلبة إذ كانت الأخرى لا نطق لها فتعمل المعاملات الارادية. وقالوا : فهذا هو الطبيعي للانسان. فأما الانسان المغالب فليس بما هو مغالب طبيعيا. ولذلك إذا كان لا بد من أن يكون هاهنا أمة أو طائفة خارجة عن الطبيعي للانسان ، تروم مغالبة سائر الطوائف على الخيرات التي بها ، اضطرت الأمة والطائفة الطبيعية إلى قوم منهم ينفردون بمدافعة أمثال أولئك ان وردوا عليهم يطلبون مغالبتهم ، وبمغالبتهم على
_________________
١) وبعضهم اعتمد المغالبة والمعاملة معا.