أولى من وجود الآخر ، ولا بقاء أحدهما أولى من بقاء الآخر ، إذ كان لكل واحد منهما قسم من الوجود والبقاء (١).
وأيضا فإن المادة الواحدة لما كانت مشتركة بين ضدين ، وكان قوام كل واحد من الضدين بها ، ولم تكن تلك المادة أولى بأحد الضدين دون الآخر ، ولم يمكن أن تجعل لكليهما في وقت واحد ، لزم ضرورة أن تعطى تلك المادة أحيانا هذا الضد ، وأحيانا ذلك الضد ، ويعاقب بينهما ، فيصير كل منهما كأنّ له حقا عند الآخر ، ويكون عنده شيء ما لغيره ، وعند غيره شيء هو له؛ فعند كل واحد منهما حق ما ينبغي أن يصير إلى كل واحد من كل واحد؛ فالعدل في هذا أن توجد مادة هذا ، فتعطى ذلك ، أو توجد مادة ذلك ، فتعطى هذا؛ ويعاقب ذلك بينهما. فلأجل الحاجة إلى توفية العدل في هذه الموجودات ، لم يكن أن يبقى الشيء الواحد دائما على أنه واحد بالعدد؛ فجعل بقاؤه الدهر كله على أنه واحد بالنوع. ويحتاج في أن يبقى واحدا بالنوع إلى أن يوجد أشخاص ذلك النوع مدة ما ، ثم تتلف ويقوم مقامها أشخاص أخر من ذلك النوع ، وذلك على هذا المثال دائما (٢).
وهذه منها ما هي اسطقسات ، ومنها ما هي كائنة عن اختلاطها. والتي هي عن اختلاطها ، منها ما هي عن اختلاط أكثر تركيبا ، ومنها ما هي عن اختلاط أقل تركيبا. وأما الاسطقسات فان المضاد المتلف
_________________
١) وسبب تعاقب الصور على المادة هو تضاد الصور وقبول المادة لتلك الأضداد.
٢) الأشخاص تتلف ولكن النوع يبقى.