لعدم اقتضاء المصلحة لم يبيّن حقيقة الحال ، لأنّه كان يترتّب على ذلك مفسدة اُخرى ، وأقلّها أنّهم كانوا منافقين لا يصدقونه في دعوى استحالة السهو عليه ، ومن المعلوم انّ أكثر المظهرين للإسلام في أوّل الأمر كانوا كذلك ، وإنّ الرسول صلّى الله عليه وآله كان مأموراً بمداراتهم كما تضمّنه باب المداراة في اُصول الكليني وغيره ، وكان يقرّر الشريعة في قلوبهم بالتدريج بحسب ما يقبلون ، كما هو موجود أيضاً في أحاديث كثيرة في اُصول الكافي وغيره.
وقد روى الكليني في كتاب العقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما كلّم رسول الله صلّى الله عليه وآله العباد بكنه عقله قط (١).
وقال : إنّا معاشر الأنبياء اُمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم (٢).
ولا يخفى انّه لم يقع التصريح بانّه صلّى الله عليه وآله صلّى بهم ركعتين اُخريتين إلاّ في حديث واحد ، والظاهر انّ كلّ واحد منهم أتمّ صلاته وحده وعلى تقدير الجماعة لا يبعد أن يكون مأموراً بذلك ، ويكون مخصوصاً به عليه السلام ؛ وقيل اختصاص مشروعية صلاة الجماعة بالفرائض ، فقد كانوا يصلّون جماعة قبل الصلاة كما هو مروي في أحاديث كثيرة.
الثالث : أن يكون صلّى في الواقع أربع ركعات ، فلمّا ظنّوا سهوه واتّفقوا على ذلك أمره الله بأن لا يظهر لهم الحال ، وأن يتمّ بهم الصلاة ويسجد سجدتين
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٣ ح ١.
(٢) الكافي ١ : ٢٣ ح ١٥ وج ٨ : ٢٦٨ ح ٣٩٤.