وروي من طريق الخاصّة أنّ ذا اليدين كان يقال له ذو الشمالين ، عن الصادق عليه السلام (١). « انتهى كلام العلاّمة » (٢). (٣)
__________________
(١) انظر : الكافي ٣ : ٣٥٧ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٢٤٥ ح ١٤٣٣.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٣٠ ، مسألة : « يجب ترك الكلام بحرفين فصاعداً مما ليس بقرآن ولا دعاء ». الطبعة الحجرية.
(٣) قال السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي في كتابه أبو هريرة وخلال حديثه عن الوجوه الحاكمة بامتناع هذا الحديث ما نصّه :
أحدها : انّ مثل هذا السهو الفاحش لا يكون ممّن فرّغ للصلاة شيئاً من قلبه ، أو أقبل عليها بشيء من لبّه ، وإنّما يكون من الساهين عن صلاتهم ، اللاهين عن مناجاتهم ، وحاشا أنبياء الله من أحوال الغافلين ، وتقدّسوا عن أقوال الجاهلين ، فإنّ أنبياء الله عزّ وجلّ ولا سيّما سيّدهم وخاتمهم أفضل ممّا يظنون على انّه لم يبلغنا مثل هذا السهو عن أحد ولا أظن وقوعه إلاّ ممّن يمثل حال القائل :
اُصلّي فما أدري إذا ما ذكرتها |
|
أثنتين صلّيت الضحى أم ثمانيا ؟ |
وأمّا وسيّد النبيّين ، وتقلّبه في الساجدين ، انّ مثل هذا السهو لو صدر مني لاستولى عليَّ الحياء ، وأخذني الخجل ، واستخفَّ المؤتمّون بي وبعبادتي ، ومثل هذا لا يجوز على أنبياء الله أبداً.
الثاني : انّ الحديث قد اشتمل على إنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال : لم أنس ولم تقصر ، فكيف يمكن أن يكون قد نسي بعد هذا ؟ ولو فرضنا عدم وجوب عصمته عن مثل هذا السهو ، فإنّ عصمته عن المكابرة والتسرّع بالأقوال المخالفة للواقع ممّا لابدّ منه عند جميع المسلمين.
الثالث : انّ أبا هريرة قد اضطرب في هذا الحديث وتعارضت أقواله فتارة يقول : صلّى بنا احدى صلاتي العشي أمّا الظهر وأمّا العصر ـ على سبيل الشك ـ واُخرى يقول : صلّى بنا صلاة العصر ـ على سبيل القطع بانّها العصر ـ وثالثة يقول : بينا أنا اُصلّي مع رسول الله صلاة الظهر ـ على سبيل القطع بأنّها الظهر ـ وهذه الروايات كلّها ثابتة في صحيحي البخاري ومسلم كليهما ، وقد ارتبك فيها شارحوا الصحيحين ارتباكاً دعاهم الى التعسّف والتكلّف كما تكلّفوا وتعسّفوا في الردّ على الزهري إذ جزم بانّ ذا اليدين وذا الشمالين واحد لا اثنان ، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا ( تحفة المحدّثين ).
الرابع : ان ما اشتمل هذا الحديث عليه من قيام النبي صلّى الله عليه وآله عن مصلاّه ووضع يده على الخشبة ، وخروج سرعان من المسجد وقولهم أقصرت الصلاة ؟ وقول ذي اليدين أنسيت أم قصرت ؟ وقوله النبي صلّى الله عليه وآله لم أنس ولم تقصر. فقاله : قد نسيت.
وقوله النبي لأصحابه : أحقٌّ ما يقول. قالوا : بلى ، نعم. وغير ذلك ممّا نقله أبو هريرة لما يمحو صورة الصلاة بتاتاً.
والمعلوم من الشريعة
المقدّسة يقيناً بطلان الصلاة بكل ماح لصورتها فلا يمكن بعد هذا بناؤه