وقال في الرسالة السعدية :
اختلف المسلمون هنا.
فذهبت طائفةٌ : إلى أنّ النبي صلّى الله عليه وآله لا يجوز عليه الخطأ
__________________
صلّى الله عليه وآله على الركعتين الأوّليّتين لانّه يناقض الحكم المقطوع بثبوته عنه صلّى الله عليه وآله فتأمّل.
إنّ ذا اليدين المذكور في الحديث إنّما هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة ، وقد استشهد في بدر ، نصّ على ذلك إمام بني زهرة وأعرف الناس بحلفائهم محمد بن مسلم الزهري كما في الاستيعاب والاصابة وشروح الصحيحين كافة وهذا هو الذي صرح به الثوري في أصحّ الروايتين عنه وأبو حنيفة حين تركوا العمل بهذا الحديث ، وأفتوا بخلاف مفاده ـ كما في أواخر باب السهو والسجود له من شرح النووي لصحيح مسلم ـ وحسبك حديث النسائي مما يدل على ان ذا اليدين وذا الشمالين واحد ـ واليك لفظه : قال فقال له ذو الشمالين ابن عبد عمرو : أنقصت الصلاة أم نسيت ؟ فقال النبي : ما يقول ذو اليدين فصرّح بان ذا الشمالين هو ذو اليدين.
ومثله بل أصرح منه ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة عن أبي سلمة عن عبد الرحمن وأبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة كليهما عن أبي هريرة ، قال : صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله الظهر أو العصر فسلّم في ركعتين ، فقال له ذو الشمالين ابن عبد عمرو ( قال ) : وكان حليفاً لنبي زهرة أخففت الصلاة أم نسيت ؟. فقال النبي صلّى الله عليه وآله ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا صدق ، الحديث.
وأخرج أبو موسى من طريق جعفر المستغفري كما في ترجمة عبد عمرو بن يضلة من الاصابة بالاسناد الى محمد بن كثير عن الاوزاعي عن الزهري عن كل من سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال : سلم رسول الله صلّى الله عليه وآله في الركعتين فقام عبد عمرو بن نضلة رجل من خزاعة حليف لبني زهرة فقال : أقصرت الصلاة أم نسيت ؟. الحديث ، وفيه قول النبي صلّى الله عليه وآله : صدق ذو الشمالين ؟
فهذه الأحاديث كلها صريحة في أن ذا اليدين المذكور في حديث أبي هريرة انّما هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة ، ولا ريب في ان ذا الشمالين المذكور قتل يوم بدر قبل أن يسلم أبو هريرة بأكثر من خمس سنين ، وان قاتله اسامة الجشمي ، نصّ على ذلك ابن عبد البر وسائر أهل الاخبار فكيف يمكن ان يجتمع مع أبي هريرة في الصلاة خلف رسول الله صلّى الله عليه وآله يا اولي الالباب ؟؟. ( انظر : أبو هريرة لشرف الدين : ٨٦ ـ ٩٠ ).