والسهو.
وذهبت طائفة اُخرى : إلى جواز ذلك ؛ حتى قالوا : إنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يصلّي الصبح يوماً ، فقرأ مع «الحمد» ، « والنجم إذا هوى » ، إلى أن وصل إلى قوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَىٰ ) (١). ؛ قرأ : « تلك الغرانيق العلى (٢) ، منها الشفاعة ترتجى » ثم استدرك ذلك (٣).
وهذا في الحقيقة كفر.
وانّه صلّى الله عليه وآله صلّى يوماً العصر ركعتين وسلّم ـ ثمّ ذكر حديث ذي الشمالين ـ.
ثم قال العلاّمة : وهذا المذهب في غاية الرداءة.
والحقّ : الأول ، فانّه لو جاز عليه السهو والخطأ ، لجاز ذلك في جميع أقواله وأفعاله ، فلم يبق وثوق باخباراته عن الله تعالى ، ولا بالشرائع والأديان ، لجواز أن يزيد فيها وينقص سهواً ، فتنتفي فائدة البعثة.
ومن المعلوم بالضرورة : إنّ وصف النبيّ بالعصمة ، أكمل وأحسن من
__________________
(١) سورة النجم : ١٩ و ٢٠.
(٢) هكذا في اسطورة الغرانيق. وفي الرسالة السعدية : « الاُولى » بدل « العلى ».
(٣) لقد فنّد اسطورة الغرانيق هذه الكثير من العلماء ، منهم : العلاّمة السيّد مرتضى العسكري الّذي وفّق إلى بيان بطلانها واختلاقها : متناً ، وسنداً. وراجع كذلك ما كتبه العلاّمة عبد الحسين شرف الدين في كتابه القيّم « أبو هريرة ».
ومن القدماء الّذين تناولوا هذه المسألة : محمد بن إسحاق بن خُزيمة « ت ٣١١ ه » حيث قال عن روايات الغرانيق : إنّها من وضع الزنادقة ، وقد صنّف فيها كتاباً.
وكذلك الشيخ أحمد بن عبد الفتّاح بن يوسف المجيري في كتابه « منهل التحقيق في مسألة الغرانيق ـ مخطوط ». انظر : الاعلام ١ : ١٥٢.