ونحن عصبة ان أبانا لفي ضلال مبين) فنسبوه إلى الضلال والخطأ. وليس لكم ان تقولوا ان يعقوب (ع) لم يعلم بذلك من حالهم قبل ان يكون منه التفضيل ليوسف (ع). لان ذلك لابد من ان يكون معلوما منه من حيث كان في طباع البشر من التنافس والتحاسد. (الجواب) : قيل ليس فيما نطق به القرآن ما يدل على ان يعقوب عليه السلام فضله بشئ من فعله وواقع من جهته ، لان المحبة التي هي ميل الطباع ليست مما يكتسبه الانسان ويختاره ، وإنما ذلك موقوف على فعل الله تعالى فيه. ولهذا ربما يكون للرجل عدة اولاد فيحب احدهم دون غيره ، وربما يكون المحبوب دونهم في الجمال والكمال. وقد قال الله تعالى : (ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) وإنما أراد ما بيناه من ميل النفس الذي لا يمكن الانسان ان يعدل فيه بين نسائه ، لان ما عدا ذلك من البر والعطاء والتقريب وما اشبهه ، يستطيع الانسان ان يعدل بين النساء. فإن قيل فكأنكم قد نفيتم عن يعقوب عليه السلام القبيح والاستفساد واضفتموهما إلى الله تعالى فما الجواب عن المسألة من هذا الوجه؟. قلنا : عنها جوابان : احدهما لا يمتنع ان يكون الله تعالى علم ان اخوة يوسف عليه السلام سيكون بينهم ذلك التحاسد والفعل القبيح على كل حال ، وان لم يفضل يوسف (ع) عليهم في محبة ابيه له ، وإنما يكون ذلك استفسادا إذا وقع عنده الفساد وارتفع عند ارتفاعه ، ولم يكن تمكينا. والجواب الآخر أن يكون ذلك جاريا مجرى التمكين (الامتحان) والتكليف الشاق ، لان هؤلاء الاخوة متى امتنعوا من حسد اخيهم والبغي عليه والاضرار به وهو غير مفضل عليهم ولا مقدم ولا يستحقونه من الثواب ما يستحقونه إذا امتنعوا من ذلك مع التقديم والتفضيل ، فأراد الله تعالى منهم ان يمتنعوا على هذا الوجه الشاق. وإذا كان مكلفا على هذا الوجه فلا استفساد في تمييله بطباع ابيهم إلى محبة يوسف (ع) ، لان بذلك ينتظم