قوله تعالى حكاية عنه : (ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين). وأما قول موسى (ع) (فعلتها إذا وانا من الضالين) ، فإنما أراد به الذاهبين عن ان الوكزة تأتي على النفس ، أو أن المدافعة تفضي إلى القتل. وقد يسمى الذاهب عن الشئ أنه ضال ويجوز ايضا ان يريد اننى ضللت عن فعل المندوب إليه من الكف عن القتل في تلك الحال والفوز بمنزلة الثواب. بين خيفة موسى والوجه فيها : (مسألة) : فإن قيل : كيف جاز لموسى عليه السلام وقد قال تعالى : (ان ائت القوم الظالمين) ان يقول في الجواب (اني أخاف ان يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فارسل الي هرون) وهذا استعفاء عن الرسالة. (الجواب) : أن ذلك ليس باستعفاء كما تضمنه السؤال ، بل كان (ع) قد اذن له في أن يسأل ضم أخيه في الرسالة إليه قبل هذا الوقت ، وضمنت له الاجابة ، ألا ترى إلى قوله تعالى (وهل اتيك حديث موسى إذ رأى نار فقال لاهله امكثوا) إلى قوله (واجعل لي وزيرا من اهلي هرون) فأجابه الله تعالى إلى مسألته بقوله (فقد أوتيت سؤلك يا موسى). وهذا يدل على ان ثقته بالاجابة إلى مسألته التى قد تقدمت ، وكان مأذونا له فيها. فقال : (اني اخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني) شرحا لصورته وبيانا عن حاله المقتضية لضم اخيه إليه في الرسالة ، فلم يكن مسألته إلا عن اذن وعلم وثقة بالاجابة. في تنزيه موسى (ع) عن الكفر والسحر : (مسألة) : فإن قيل : كيف جاز لموسى (ع) ان يأمر السحرة بالقاء الحبال والعصى وذلك كفر وسحر وتلبيس وتمويه ، والامر بمثله لا يحسن؟. (الجواب) : قلنا لا بد من ان يكون في امره عليه السلام بذلك شرط ، فكأنه قال القوا ما انتم ملقون ان كنتم محقين ، وكانوا فيما يفعلونه حجة. وحذف الشرط لدلالة الكلام عليه واقتضاء الحال له ، وقد جرت العادة باستعمال هذا الكلام محذوف الشرط ، وان كان الشرط مرادا ، وليس يجري هذا مجرى قوله تعالى : (فاتوا بسورة من مثله) وهو