الشك في جواز الرؤية التي لا تقتضي تشبيها وإن كان لا يمتنع من معرفته بصفاته ، فإن الشك في ذلك لا يجوز على الانبياء عليهم السلام من حيث يجوز من بعض من بعثوا إليه ان يعرف ذلك على حقيقته ، فيكون النبي (ع) شاكا فيه وامته عارفون به مع رجوعهم في المعارف بالله تعالى ، وما يجوز عليه تعالى وما لا يجوز ، وهذا يزيد في التنفير على كل ما يوجب تنزيه الانبياء عليهم السلام عنه. فان قيل : فعن أي شئ كانت توبة موسى عليه السلام على الجوابين المتقدمين؟. قلنا : أما من ذهب إلى ان المسألة كانت لقومه ، فإنه يقول انما تاب لانه اقدم على ان يسأل عن لسان قومه يؤذن له وليس للانبياء عليهم السلام ذلك ، لانه لا يؤمن من ان يكون الصلاح في المنع منه ، فيكون ترك اجابتهم منفرا عنهم. وليس تجري مسألتهم على سبيل الاستسرار ، وبغير حضور قومهم يجري مجرى ما ذكرناه لانه ليس يجوز ان يسألوا مستسرين ما لم يؤذن لهم فيه ، لان منعهم منه لا يقتضي تنفيرا. ومن ذهب إلى انه سأل المعرفة الضرورية يقول انه تاب من حيث سأل معرفة لا يقتضيها التكليف. وفي الناس من قال انه تاب من حيث ذكر في الحال ذنبا صغيرا مقدما. والذي يجب ان يقال في تلفظه بذكر التوبة انه وقع على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والرجوع إليه والتقرب منه وان لم يكن هناك ذنب معروف. وقد يجوز ان يكون ايضا الغرض في ذلك مضافا إلى ما ذكرناه من الاستكانة والخضوع والعبادة وتعليمنا وتفهيمنا على ما نستعمله وندعو به عند نزول الشدائد وظهور الاهوال وتنبيه القوم المخطئين خاصة على التوبة مما التمسوه من الرؤية المستحيلة عليه تعالى ، فإن الانبياء (ع) وان لم يقع منهم القبائح فقد يقع من غيرهم ، ويحتاج من وقع ذلك منه إلى التوبة والاستغفار والاستقالة وهذا بين بحمد الله ومنه. بيان الوجه في اخذ موسى برأس اخيه يجره : (مسألة) : فان قيل : فما وجه قوله تعالى حكاية عن