قال قدم الحجاج بن يوسف على الوليد بن عبد الملك فالفاه يدفن بنتا له فمال الى قبر عبد الملك فصلى عنده ركعتين ثم انصرف وقد ركب الوليد فمشى بين يديه وعليه درع وقوس فقال اركب يا أبا محمد قال يا أمير المؤمنين دعني استكثر من الجهاد فإن ابن الزبير وعبد الرحمن بن الاشعث شغلاني عن الجهاد زمنا طويلا فعزم عليه الوليد فركب فلما دخل القصر القى الوليد ثيابه وبقى في غلالة ثم اذن للحجاج فبينا هو يحدثه ويقول له أمير المؤمنين إذ أقبلت جارية فسارت الوليد ثم انصرفت ثم عادت فقال الوليد يا أبا محمد أتدري ما قالت هذه الجارية قال لا يا امير المؤمنين قال أرسلت الي أم البنين بنت عبد الملك عبد العزيز بن مروان ما مجالستك هذا الاعرابي وهو في سلاحه وأنت في غلالة لأن يخلو بك ملك الموت أحب الي من ان يخلو بك الحجاج وقد قتل الناس قال الحجاج يا أمير المؤمنين امسك عن تنزف النساء فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة لا تطلعهن على امرك ولا تطمعهن في سرك ولا تدخلهن في مشورتك وتستعملهن باكثر من زينتهن يا أمير المؤمنين ولا تكن للنساء برؤوم ولا لمجالستهن بلزوم فإن مجالستهن صغار ولؤم ثم نهض الحجاج فدخل الوليد على أم البنين فاخبرها بمقالة الحجاج فقالت اني احب ان تأمره أن يسلم علي غدا فلما اصبح غدا الحجاج على الوليد فقال اعدل الى أم البنين فقال اعفني يا أمير المؤمنين قال لتفعلن قال ففعل فحجبته طويلا ثم اذنت له فاقرته قائما ثم قالت يا حجاج أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير وابن الاشعث لقد كنت المولى (أي العبد) غير المستعلى أما والله لو لا انك أهون خلقه عليه (الضمير راجع الى الله) ما ابتلاك برمي الكعبة ولا بقتل ابن ذات النطاقين