ضعفه وهذا يعني عرفا انه يروي دائما عمن كان وثاقته في نظره ثابتا وإلا فلو فرض انه قد يتناول الرواية عن الضعيف أو من لم يثبت عنده وثاقته لم يكن وجه لتجنبه عن هذا الشيخ وترك ما سمعه منه من الشئ الكثير مع انه كان عالما وأديبا قويا.
منها ـ ترجمة : جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى ، نقل النجاشي عنه : كان يضع الحديث وضعا ويروي عن المجاهيل وسمعت من قال : كان أيضا فاسد المذهب والرواية (١).
ولا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبو علي ابن همام وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري؟
يظهر من هذه العبارة أيضا دأب النجاشي الرواية عن الثقات حتما نظرا إلى أن امتناع الشيخين العظيمين ـ أبي علي محمد بن همام وأبي غالب الزراري ـ من الرواية عن غير الثقات كان أمرا واضحا وثابتا ومسلما عند النجاشي وإلا لم يكن وجه لتعجبه واستغرابه من روايتهما عن جعفر بن محمد بن مالك الوضاع الضعيف بزعم من اسمع النجاشي ذلك (٢) فلو كان النجاشي غير مقيد بالرواية عن الثقات ما كان يسمح له التفوه بشئ ليس هو من اهله.
وبعبارة اخرى : هذه الظاهرة العقلائية في كلامه ـ أي أن من يلوم ويوبخ غيره في عمل الرواية عن الضعيف لا يرتكب ذلك العمل ـ حجة على انه لابد وان لا يروى إلا عن الثقة.
__________________
(١) ـ العبارة ظاهرة اللسان في ان النجاشي هنا وفي امثاله ناقل لما سمع أو قرع سمعه من توجيه الطعن والاتهام بالضعف إلى جعفر بن محمد بن مالك وطبق هذا السماع البدوى غير المحقق تعجب من رواية الشيخين العظيمين عنه ، وجه التعجب انهما ممن لا يروون الا عن ثقة ، وهذا لا ينافي وثاقة جعفر بن محمد بن مالك لادلة اقمناها فيما يأتي ان شاء الله.
(٢) ـ والسابر الخبير في عبارات فهرس النجاشي من أمثال الموضع منكشف لديه أن هذا وأمثاله من مسموعات النجاشي من شيخه أحمد بن الحسين الغضائري ويأتى الكلام عليه.