وخرج إلى معاوية ومعه عشرون رجلا من أصحابه ، ومعه رسل زياد حتى نزلوا مرج العذراء. قال : أما والله إنّي لأول خلق الله كبّر فيها ، انتهى.
قال : وأنبأنا عبد الله قال : أخبرت عن جعفر بن سليمان ، عن هشام قال : قال ابن سيرين لم يكن لزياد همّ لما قدم الكوفة إلّا حجرا وأصحابه ، فتكلم يوما زياد وهو على المنبر فقال : إنّ من حقّ أمير المؤمنين ، من حق أمير المؤمنين مرارا ، فقال : كذبت ليس ذلك ، فسكت زياد ، ونظر إليه ثم عاد في كلامه فقال : إنّ من حق أمير المؤمنين ، إنّ من حقّ أمير المؤمنين مرارا نحوا من كلامه فأخذ حجر كفّا من حصا فحصبه ، وقال : كذبت كذبت كذبت عليك لعنة الله ، قال فانحدر زياد من المنبر وصلّى ثم دخل الدّار وانصرف حجر ، فبعث إليه زياد الخيل والرجال : أجب ، قال حجر : إنّي والله ما أنا بالذي يخاف ، ولا آتيه أخاف على نفسي ، قال هشام : قال ابن سيرين : لو مال لمال (١) أهل الكوفة معه ، ولكن كان رجلا ورعا وأبى زياد أن يقلع عنه الخيل والرجال حتى اصطلحا أن يقيده بسلسلة ويرسله في ثلاثين من أصحابه إلى معاوية ، فلما خرج أتبعه زياد بردا بالكتب ، بالركض إلى معاوية : إن كان لك في سلطانك حاجة أو في الكوفة حاجة فاكفني حجرا ، وجعل يرفع الكتب إلى معاوية حتى ألهفه عليه ، فقدم فدخل عليه فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين قال معاوية : أو أمير المؤمنين أنا؟ قال : نعم ثلاثا ، فأمر بحجر وبخمسة عشر رجلا من أصحابه قد كتب زياد فيهم وسمّاهم ، وأخرج حجرا وأصحابه الخمسة عشر وقد أمر بضرب أعناقهم ، فقال حجر للذي أمر بقتله : دعني فلأصلّي ركعتين ، قال : صلّه ، فصلّى ركعتين خفيفتين ، فلمّا سلّم أقبل على الناس فقال : لو لا أن تقولوا جزع من القتل لأحببت أن تكون ركعتان أنفس مما كانتا ، وأيم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني فما هاتان بنافعتي شيئا ، ثم أخذ برده فتحرم به ، ثم قال لمن يليه من قومه ومن يتحرن به لا تخلوا قيودي ولا تغسلوا عني الدّم ، فإني أجتمع أنا ومعاوية غدا على المحجة ، انتهى.
قال : وأنبأنا عبد الله حدّثني أبو محمّد بن أبي الحسن الجوهري ، نبأنا أبو خيثمة ، نبأنا وهب بن جرير ، نبأنا أبي ، نبأنا محمّد بن الزبير الحنظلي ، عن فيل (٢) مولى زياد
__________________
(١) كتبت فوق السطر.
(٢) اضطرب إعجامها بالأصل والمثبت «فيل» عن بغية الطلب ٥ / ٢١١٩ ومختصر ابن منظور ٦ / ٢٣٨.