قال حذيفة : حتى رأيت أبا سفيان وثب على جمل له معقول ، فجعل يستحثه للقيام ، فلا يستطيع القيام لعقاله. قال حذيفة : فو الله لو لا ما قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا تحدث في سلاحك شيئا ، لرميته من قريب. قال : وسار القوم وجئت النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبرته فضحك حتى رأيت أنيابه ، انتهى (١) [٢٩٥٤].
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنبأنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن حاتم ، أنبأنا أبو بكر [الدّاربردي](٣) ـ بمرو ـ أنبأنا أحمد بن محمّد بن عيسى البرتي (٤) ، نبأنا أبو حذيفة ، نبأنا عكرمة بن عمّار ، عن محمّد بن عبيد أبي قدامة الحنفي ، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة قال : ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال جلساؤه : أما والله لو كنا شهدنا ذلك لكنا قد فعلنا وفعلنا ، فقال حذيفة : لا تمنّوا ذلك ، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافّون قعود : أبو (٥) سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا (٦) ، وقريظة اليهود أسفل منّا ، نخافهم على ذرارينا. وما أتت علينا ليلة قط أشدّ ظلمة ، ولا أشدّ ريحا في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة ما يرى أحدنا (٧) إصبعه ، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلىاللهعليهوسلم يقولون : إن بيوتنا عورة وما هي بعورة فما يستأذنه أحد منهم إلّا أذن له ، فيأذن لهم ، فيتسللون ونحن ثلاثمائة ونحو ذلك ، إذا استقبلنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا رجلا ، حتى مرّ عليّ وما عليّ جنّة من العدو ، ولا من البرد إلّا مرط (٨) لامرأتي ما يجاوز ركبتي ، قال : فأتاني وأنا جاثي (٩) على ركبتي ، فقال : «من هذا» قلت : حذيفة قال : «حذيفة» قال : فتقاصرت بالأرض ، فقلت : بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم ، قال : «قم» قال : قمت فقال : «إنّه كائن في القوم خبر فائتني بخبر القوم» قال : وأنا من أشد الناس فزعا وأشد
__________________
(١) انظر مغازي الواقدي ٢ / ٤٨٨.
(٢) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٣ / ٤٥١ ـ ٤٥٢.
(٣) بياض بالأصل واللفظة المستدركة بين معكوفتين عن البيهقي.
(٤) هذه النسبة إلى برت ، مدينة بنواحي بغداد (الأنساب).
(٥) بالأصل «أبي» والمثبت عن البيهقي.
(٦) رسمها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن البيهقي.
(٧) في البيهقي : أحد منا.
(٨) بالأصل : «مرطا».
(٩) كذا بالأصل.