يطأ صريما ، وإذا هامة كالمجن ، وخدّ كالمسن ، وعينان شجراوان (١) كأنهما سراجان يقدان ، وقصرة (٢) ربلة ، ولهزمة رهلة (٣) ، وكتد مغبط ، وزور مفرط ، وساعد مجدول ، وعضد مفتول ، وكف شثنة البراثن إلى مخالب كالمحاجن ، فضرب بيديه فأرهج ، وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة ، وفم أشدق (٤) كالغار الأخوق (٥) ، ثم تمطّى فأشرع بيديه ، وحفز وركيه برجليه حتى صار ظله مثليه ، ثم أقعى فاقشعرّ ثم مثل فاكفهرّ ، ثم جهم فازبأرّ ، فلا والذي بيته في السماء ما اتّقينا بأول من أخ من فزارة ، وكان ضخم الجزارة (٦) فوقصه ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه (٧) ، وجعل يلغ في دمه ، فذمرت (٨) أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فهجهجنا به فكرّ مقشعرا بزبرته (٩) كأن به شيهما (١٠) حوليا ، فاختلج رجلا أعجر [ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت مفاصله ثم نهم فقرقر ، ثم زفر فبربر ثم زأر فجرجر ، ثم لحظ فو الله لخلته البرق يتطاير من تحت جفونه من عن شماله ويمينه ، فأرعشت الأيدي واصطلت الأرجل ، وأطت الأضلاع ، وارتجت الأسماع ، وجمّحت العيون ولحقت البطون ، وانخزلت المتون وساءت الظنون](١١).
فقال عثمان : اسكت ، قطع الله لسانك ، فقد رعّبت قلوب المؤمنين.
وقال يصف الأسد (١٢) :
فباتوا يدلجون وبات يسري |
|
بصير بالدجى هاد هموس |
__________________
(١) في طبقات ابن سلام : سجراوان ، بالسين المهملة ، وعين سجراء أن يخالط بياضها حمرة.
(٢) القصرة أصل العنق ، والربلة : كل لحمة غليظة.
(٣) اللهزمة : عظم ناتئ أو مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن من اللحي ، والرهلة : المنتفخة ، وقيل : المسترخية.
(٤) أي واسع الشدقين.
(٥) في طبقات ابن سلام والأغاني : الأخرق.
(٦) الجزارة : اليدان والرجلان والرأس ، يريد ضخم الجسم عظيمه.
(٧) طبقات ابن سلام : فغضغض مثنيه.
(٨) أي لمتهم ثم حضضتهم وشجعتهم.
(٩) الزبرة : شعر مجتمع على موضع الكاهل من الأسد.
(١٠) الشيهم ما عظم شوكه من ذكور القنافذ.
(١١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن طبقات ابن سلام.
(١٢) الأبيات في شعره (شعراء إسلاميون ص ٦٣٠) وانظر تخريجها فيه.