فأفّ لدنيا لا يدوم سرورها (١) |
|
تقلّب تارات بنا وتصرّف |
فقال سعد رضياللهعنه : قاتل الله عديّ بن زيد كأنه كان ينظر إليها حيث يقول (٢) :
إنّ للدهر صولة فاحذرنها |
|
لا تبيتنّ قد أمنت الشرورا |
قد يبيت الفتى معافا فيرزا |
|
ولقد كان آمنا مسرورا |
وأكرمها سعد ، وأحسن جائزتها. فلما أرادت فراقه قالت له : حتى أحيّيك بتحية أملاكنا بعضهم بعضا ، لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة ، ولا زالت لكريم عندك حاجة ، ولا نزع من عبد صالح نعمة إلّا جعلك سببا لردها عليه ، فلما خرجت من عنده تلقّاها نساء المصر فقلن لها : ما صنع بك الأمير؟ قالت :
حاط لي ذمّتي وأكرم وجهي |
|
إنّما يكرم (٣) الكريم الكريم |
قال المعافى : وقد روينا بإسناد لم يحضر الآن ، ولعله يأتي فيما بعد : أن المغيرة بن شعبة خطب حرقة هذه ، فقالت له : إنّما أردت أن يقال : تزوج ابنة النعمان بن المنذر وإلّا فأي حظ لأعور في عمياء.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن كامل بن ديسم المقدسي ، أنا أبو جعفر بن المسلمة في كتابه ، أنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني ، قال حسّان بن أبان البعلبكي كان في زمان المتوكل يقول :
اكتسب ما لا تعيش به |
|
ليس عيش المرء من نسبه |
عربي لا يسار له |
|
صقلبي القدر في عربه |
وتراهم خاضعين له |
|
ما عدا يختال في نشبه |
أمراء فيهم وكلهم |
|
باسطا كفا إلى سببه |
طمعا في نيل فضته |
|
ليس إلّا ذاك أو ذهبه |
وأديب قد رثيت له |
|
ما له عيب سوى أدبه |
__________________
(١) في ياقوت : فتبّا لدنيا لا يدوم نعيمها.
(٢) البيتان في ديوان عدي ص ٥٦ والجليس الصالح ١ / ٤٤١.
(٣) في الجليس الصالح : إنما يكرم الكريم الكريما.