فأتى حسّان إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني أخاف أن تصيبني معهم ، تهجو من بني عمّي ـ يعني أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب» فقال حسّان : لأسلنّك منهم سلّ الشعرة من العجين ، ولي مقول ما أحب أن لي به مقول أحد من العرب ، وإنه ليفري ما لا تفريه الحربة. قال : ثم أخرج لسانه فضرب به أنفه ، كأنه لسان شجاع (١) ، بطرفه شامة سوداء ، ثم ضرب به ذقنه (٢). قال : فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ولم يذكر ابن رواحة رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة فأرسله [٢٩٩٤].
أخبرناه أبو محمد بن طاوس وأبو المجد معالي بن هبة الله بن الحسن بن الحبوبي ، قالا : أنا أبو الفرج الإسفرايني ، أنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال ، أنا أبو محمد الحسن بن رشيق ، أنا أبو جعفر أحمد بن حمّاد بن مسلم التجيبي ، نا سعيد بن الحكم بن أبي مريم ، أنا يحيى بن أيوب ، حدّثني عمارة بن غزية ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبي سلمة ، قال : لما أن هجت قريش رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحزنه ذلك فقال لعبد الله بن رواحة : «اهج قريشا» فهجاهم هجاء ليس بالبليغ إليهم فلم يرض به ، قال : فبعث إلى كعب بن مالك الأنصاري وكان يقول الشعر في الجاهلية ، فقال : «اهج قريشا» قال : فهجاها هجاء لم يبالغ فيه فلم يرض بذلك ، قال : فبعث إلى حسّان بن ثابت وكان يكره أن يبعث إلى حسّان فقال ، حسّان حين جاءه الرسول ، رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أهج قريشا ، فقال : «فما بالكم أن تبعثوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه» ، فقال حسّان والذي بعثك بالحق لأفرونهم بلساني هذا ، ثم أطلع لسانه ، قال : فتقول عائشة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم : والله لكأنّ لسانه لسان حيّة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لي فيهم نسبا وأنا أخشى أن تصيب بعضه ، فأت أبا بكر فإنه أعلم قريش بأنسابها فيتخلص (٣) لك نسبي» قال حسّان : والذي بعثك بالحق لأسلنّك منهم ونسبك سلّ الشعرة من العجين ، فهجاهم حسّان فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد شفيت يا حسّان واشتفيت» (٤) [٢٩٩٥].
قال : ونا سعيد ، نا يحيى ، حدّثني ابن غزية ، حدّثني محمد بن إبراهيم أن
__________________
(١) الشجاع : الحية الذكر.
(٢) الخبر في سير أعلام النبلاء ٢ / ٥١٤ ـ ٥١٥.
(٣) في سير الأعلام : فيخلّص.
(٤) الحديث في سير أعلام النبلاء ٢ / ٥١٥ باختصار ، وانظر تخريجه فيه.