أسفل طبقة المباني السومرية طبقة طينية مليئة بقدور من الفخار الملون ، مختلط بها أدوات من الصوان والزجاج البركاني ، وكان سمك هذه الطبقة حوالي ١٦ قدما (٣ أمتار تقريبا) أسفل المباني الطينية التي يمكن تأريخها بحوالي عام ٢٧٠٠ ق. م ، وأن أور قد عاشت أسفل هذه الطبقة في عصر ما قبل الطوفان ، ولم تجر حتى الآن أي حفائر على نطاق واسع في هذه المنطقة ، وكل ما أمكن إثباته هو وجود مدينة قبل الطوفان ... وأن الفخار الملون قد اختفى ، ويستنتج «وولي» أن سبب اختفاء هذا الفخار الملون الذي كان منتشرا في جنوب بلاد الرافدين قبل الطوفان اختفاء تاما مرة واحدة ، هو أن الطوفان قد قضى قضاء تاما على سكان هذه البلاد ، وحتى من بقي منهم حيا فقد فقد القدرة على الإنتاج ، فجاء شعب جديد ، هم السومريون ، إلى تلك البلاد الخالية ، وأسسوا حضارة جديدة ، وكان فخارهم مصنوعا على دولاب الفخار ، بدلا من الفخار المصنوع باليد الذي كان سائدا في عصور ما قبل الطوفان ، كما استعملوا الأدوات المعدنية بدلا من الصوان (١).
ولعل سائلا يتساءل ، وهل كان الطوفان السومري هذا طوفانا عاما أغرق الدنيا كلها ، أم أنه كان مقصورا على جنوب العراق؟.
ويجيب «وولي» بأن الطوفان لم يكن طوفانا عالميا عمّ الكون بأسره ، وإنما كان مقصورا على الحوض الأسفل لنهري الدجلة والفرات ، وأنه قد أغرق المنطقة الصالحة للسكنى هناك بين الجبال والصحراء ، ـ والتي هي بالنسبة إلى السكان الذين يعيشون فيها بمثابة العالم كله ـ وأن المساحة التي شملها الطوفان ربما كانت ٤٠٠ ميل طولا ، في ١٠٠ ميل عرضا ، وأن الغالبية العظمى من السكان قد أغرقهم الطوفان ، وأن القوم قد رأوا أن هذه الكارثة بمثابة عقاب من الإله بسبب آثام الناس وخطاياهم ، وأن قلة نادرة قد نجت ، وأن رأس هذه القلة قد نظر إليه كبطل للقصة ، وهو هنا «زيوسودرا» (٢).
__________________
(١) محمد عبد القادر : المرجع السابق ص ٩٦ ـ ٩٧.
(٢) وكذلك Werner Keller ,the Bib As History ,
Sir Leonard Woolley, op. cit., P. ٦٣. London, ٧٦٩١, P. ٠٥ ـ ٥١.