سومري معروف لنا ، وإذا ما اعتبرنا أن «سرجون الأكدي» كان يعيش في الفترة (٢٣٧١ ـ ٢٣١٦ ق. م) ، فإنه من الممكن تقدير تاريخ حكم «إن ـ مي ـ براج ـ سي» هذا بحوالي عام ٢٧٠٠ ق. م ، كما يمكن اعتبار ذلك التاريخ بداية للعصر التاريخي في العراق القديم (١) ، ومن ثم فإن جلجاميش كان يعيش بعد هذا التاريخ بفترة ليست بعيدة على أي حال.
وقد اشتهر جلجاميش في آداب العراق القديم منذ أقدم عصور التاريخ ، وصار موضوعا لعدة ملاحم سومرية وبابلية ، تدور حول مغامراته وأعماله البطولية ، حتى صار أشبه ما يكون بأبطال اليونان في عهد الأشعار الهومرية ، وهرقل والإسكندر في المآثر العربية ، ونمرود الوارد في التوراة (٢) ، وإن كانت ملحمته المشهورة بقصة جلجاميش ، والتي يؤلف خبر الطوفان جزءا منها ، أشهر ما عرف عنه من قصص وملاحم.
وهاك ملخصا لها :
تبدأ قصة الطوفان بعد أن ينتهي جلجاميش من قصته التي فقد في أخرياتها صديقه «أنكيدو» ، ذلك أن جلجاميش كان ملكا حكيما واسع المعرفة ، شجاعا جريئا ، ولكنه كان ظالما مستبدا ، ومن ثم فإن الآلهة قد خلقت له «أنكيدو» ليدافع عن الناس ضد ظلمه ، إلا أن الصراع بينهما لم يحسم في مصلحة واحد منهما ، ومن ثم فقد تمّ الصلح بينهما ، وقام الاثنان بمغامرات كثيرة ، ثم مات أنكيدو فجأة ، فحزن جلجاميش لفقده ، ثم أسلمه الحزن إلى المرض ، وظل خائفا يترقب مصيره المحتوم ، وإن كان في الوقت نفسه بدأ يفكر في وسيلة يتقي بها غائلة الموت ، وهكذا هداه تفكيره إلى البحث عن جده «أوتنابيشتم» بن «وبار ـ توتو» ليسأله عن كيفية إمكان أن يكون الإنسان الفاني مخلدا ، إذ كان على يقين من أن «أوتنابيشتم» على علم بهذا الأمر ، ذلك لأن الآلهة قد رفعته إلى مصافها ، وجعلته يسكن بعيدا في مكان ما متمتعا بنعمة الخلود.
ويتحمل جلجاميش من أجل بغيته هذه رحلة مضنية خطيرة ، يلتقي في أثنائها
__________________
(١) محمد أبو المحاسن عصفور : معالم تاريخ الشرق الأدنى القديم ص ٣٤٩ ـ ٣٥٠. وكذا
George Roux, Ancient Iraq,) Penguin Books (, ٦٦٩١, P. ٩١١ ـ ٠٢١.
وكذاSir Leonard Woolley ,op.cit.,P.٤١.
(٢) طه باقر : المرجع السابق ص ٤٥٩.