المقدمة الثانية
الاستعاذة المندوب إليها في قوله عز من قائل : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) [النحل : ٩٨] قرأها أبو عمرو ويعقوب وابن كثير غير الهاشمي وعاصم غير هبيرة : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم» ، وروى الهاشمي عن ابن كثير : «أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم» ، وروى هبيرة عن حفص عن عاصم : «أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم» ، وقرأها أبو جعفر ونافع وابن عامر وحمزة وعلي الكسائي وخلف : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم». وقد يروى عن حمزة : «أستعيذ بالله» أو «نستعيذ بالله» مخيّرا. وقرأ سهل : «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم». ومنشأ هذه الاختلافات أنه قد جاء في سورة النحل (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ) [النحل : ٩٨] الآية وفي حم السجدة (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت : ٣٦] وروى جبير بن مطعم أن النبي صلىاللهعليهوسلم حين افتتح الصلاة قال : «الله أكبر كبيرا ـ ثلاث مرات ـ والحمد لله كثيرا ـ ثلاث مرات ـ وسبحان الله بكرة وأصيلا ـ ثلاث مرات ـ» ثم قال : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه». وروى البيهقي في كتاب السنن عن أبي سعيد الخدري أنه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا قام من الليل كبّر ثلاثا وقال : «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم». وروى الضحاك عن ابن عباس أنّ أول ما نزل جبريل على محمد صلىاللهعليهوسلم قال : قل يا محمد أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. ثم قال : قل بسم الله الرحمن الرحيم ، اقرأ باسم ربك الذي خلق. ثم في المقدمة مسائل :
الأولى : الأكثرون على أن وقت الاستعاذة قبيل القراءة ، إذ المراد من قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) [النحل : ٩٨] : إذا أردت قراءة القرآن كما في قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) [المائدة : ٦] المراد : إذا أردتم القيام إلى الصلاة. والأخبار المذكورة أيضا تؤيد ذلك. وعن النخعي وقد يروى عن حمزة وابن سيرين أيضا ، أن وقتها بعيد القراءة نظرا إلى