هو به والكل دائر. المعتزلة : هو الاعتقاد المقتضي لسكون النفس. الفلاسفة : صورة حاصلة في النفس مطابقة للمعلوم ، ولا يخفى خروج علم الله تعالى عنهما فإنه لا يطلق هناك النفس ، وفيه مفاسد أخر يطول ذكرها هاهنا ، وعند كثير من المحققين : هو بديهي. وقيل : أصح الحدود ، صفة توجب تمييزا لا يحتمل النقيض. والحق في هذا المقام هو أن نسبة البصيرة إلى مدركاتها كنسبة البصر إلى مدركاته ، فكما أن للبصر نورا كل ما يقع في ذلك النور فهو مدركه ، فكذا للبصيرة نور كل ما يقع فيه فهو مدركها. ولا يدرك حقيقة هذا النور ، إلا من له نور (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) [النور : ٤٠] وهكذا إدراكات جميع الأنوار حتى نور الأنوار ، وكلما ازدادت النفس نورية وشروقا ازداد انبساطها فيقع فيها المعلومات أكثر ، وهكذا يكون الحال في كل مستكمل. أما إذا كان العالم بحيث تكون كمالاته الممكنة له موجودة معه بالفعل ، فلا تزداد نوريته ، ولا يتجاوز مرتبته في العلم (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات : ١٦٤] ثم إن كان التكمال والنور بحيث لا يمكن أكمل منه ولا أنور ، كان جميع الأشياء واقعة في نوره ، بل يكون نوره نافذا في الكل متصرفا فيها محيطا بها أزلا وأبدا و (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) [سبأ : ٣] وهاهنا أسرار أخر لا يجوز التعبير عنها لعزتها يتفطن لبعضها من وفق لها من أهلها.
البحث الخامس في ألفاظ تقرب من العلم. الأول : الإدراك ، وهو الوصول لأن القوة العاقلة تصل إلى حقيقة المعقول. الثاني : وهو إدراك بغير استثبات وهو أول مراتب وصول المعقول إلى القوة العاقلة ولهذا لا يوصف به الله تعالى. الثالث : التصور مشتق من الصورة ، فكأن حقيقة المعقول حلت في العاقلة حلول الشكل في المادة. الرابع : الحفظ وذلك إذا استحكمت الصورة في العاقلة بحيث لو زالت لتمكنت من استرجاعها. الخامس : التذكر وهو محاولة استرجاع الصورة المحفوظة ، وإنه بالحقيقة التفات النفس إلى عالمها. السادس : الذكر وهو وجدان الصورة بعد محاولة استرجاعها ، ولا محالة يكون مسبوقا بالزوال : قال الشاعر :
الله يعلم أني لست أذكره |
|
وكيف أذكره إذ لست أنساه |
ويوصف القول بأنه ذكر لأنه سبب حضور المعنى في النفس قال عز من قائل (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) [الحجر : ٩]. السابع : المعرفة وقد اختلفوا في تفسيرها. فمن قائل إنها إدراك الجزئيات ، والعلم إدراك الكليات. ومن قائل إنها التصور والعلم هو التصديق ، وجعل العرفان أشرف من العلم لأن تصديقنا باستناد هذه المحسوسات إلى موجود واجب