حجة القائلين بفضل الأنبياء على الملائكة ؛ الأول : أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم وثبت أن آدم لم يكن كالقبلة ، وأمر الأشرف بنهاية التواضع للأدون مستقبح ، والجواب أن القبح العقلي غير ثابت.
الثاني : جعله خليفة له خلافة الولاية كما مر ، وخلق الدنيا متعة لبقائه ، والآخرة مملكة لجزائه ، ولعن إبليس لسبب التكبر عليه ، وجعل الملائكة حفظة أولاده ومنزلين لأرزاقهم ومستغفرين لزلاتهم ، ومع جميع هذه المناصب يقول «ولدينا مزيد» فإذن لا نهاية لهذا الشرف والكمال.
الثالث : أنه كان أعلم لقوله (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) والأعلم أفضل.
الرابع : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) [آل عمران : ٣٣] والعالم كل ما سوى الله تعالى ، فيلزم اصطفاؤهم على الملائكة. ولا يشكل هذا بقوله (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) إلى قوله (فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) [البقرة : ٤٧] لأن تلك الآية دخلها التخصيص لما يعلم أنهم غير مفضلين على محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهاهنا لا دليل فوجب إجراؤه على الظاهر من العموم.
الخامس : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء : ١٠٧] والملائكة من العالمين والتقرير ظاهر.
السادس : عبادة البشر أشق لأن الآدمي له شهوة تدعوه إلى المعصية بخلاف الملائكة ، ولأن الآدمي مأمور بالاستنباط والقياس (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) [الحشر : ٢] ولا يخفى ما فيه من المشقة ، والملائكة لا يعلمون إلا بالنص (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) ولما يعرض للآدمي من الشبهات ككون الأفلاك والأنجم أسبابا للحوادث اليومية فيحتاجون إلى دفعها ، والملائكة حيث إنهم يشاهدون عالم الملكوت آمنون من ذلك ، ولأن الشيطان مسلط على الآدمي دون الملك ، وإذا كانت طاعتهم أشق فيكون ثوابهم أكثر.
السابع : خلق للملائكة عقولا بلا شهوة ، وللبهائم شهوة بلا عقل ، وجمع الأمرين للآدمي. ثم إذا غلب هواه عقله صار أدون من البهيمة أولئك (كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) [الفرقان : ٤٤]. فإذا غلب عقله هواه وجب أن يصير أشرف من الملك اعتبارا لأحد الطرفين بالآخر.
الثامن : الملائكة حفظة بني آدم والمحفوظ أعز من الحافظ.
التاسع : روي أن جبريل عليهالسلام أخذ بركاب محمد صلىاللهعليهوسلم حتى أركبه على البراق