أو ليتني نعما أبوح بشكرها |
|
وكفيتني كل الأمور بأسرها |
فلأشكرنك ما حييت فإن أمت |
|
فلتشكرنك أعظمي في قبرها |
عن النبي صلىاللهعليهوسلم «يقول الله تعالى إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري» ولما أجمل في الآية ما يباح أكله ذيل بحصر ما هو محرّم ليبقى ما عدا ذلك على أصل الإباحة فقيل (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) يتناول ما مات حتف أنفه وما لم تدرك ذكاته على الوجه الشرعي. وإذا كانت محرمة وجب الحكم بنجاستها إجماعا ، ولأن تحريم ما ليس بمحرم ولا فيه ضر وظاهر يدل على النجاسة. وليس في الآية إجمال عند الأكثرين ، لأن المفهوم من تحريم الميتة ليس تحريم أعيانها وإنما المفهوم في العرف حرمة التصرف في هذه الأجسام كما لو قيل : فلان يملك جارية. فهم منه عرفا أنه يملك التصرف فيها. وعلى هذا فالآية تدل على حرمة جميع التصرفات إلا ما أخرجه الدليل المخصص كالسمك والجراد لقوله صلىاللهعليهوسلم «أحلت لنا ميتتان ودمان. أما الميتتان فالجراد والنون. وأما الدمان فالطحال والكبد» (١). وقال صلىاللهعليهوسلم في صفة البحر «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» (٢) وهذا عام لجميع الحيوانات التي لا تعيش إلا في الماء وإن لم تكن على صورة السمكة المشهورة. ولا فرق أيضا بين ما يؤكل نظيره في البر كالبقر والشاة وبين ما لا يؤكل كخنزير الماء وكلبه على أصح القولين للشافعي. وقد زعم بعض الناس كصاحب الكشاف أن السمك والجراد يخرج بنفسه لأن الميتة لا تتناولهما عرفا وعادة ، ولهذا من حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا لم يحنث ، وإن أكل لحما في الحقيقة لقوله تعالى (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) [النحل : ١٤] وشبهوه بما لو حلف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث وإن عدّ الكافر من الدواب لقوله تعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنفال : ٥٥] وفيه نظر. لأن عدم التناول عرفا إنما هو بعد تخصيص الشارع فلا يمكن أن يجعل دليلا على عمومه. وكالجنين الذي يوجد ميتا عند ذبح الأم عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد وهو المروي عن علي رضياللهعنه وابن مسعود وابن عمر لقوله صلىاللهعليهوسلم «ذكاة الجنين ذكاة أمه» (٣) وقال أبو حنيفة : لا يؤكل إلا أن يخرج حيا فيذبح وحمل الحديث
__________________
(١) رواه ابن ماجه في كتاب الأطعمة باب ٣١.
(٢) رواه أبو داود في كتاب الطهارة باب ٤١. الترمذي في كتاب الطهارة باب ٥٢. النسائي في كتاب الطهارة باب ٤٦. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب ٣٨. الموطأ في كتاب الطهارة حديث ١٢.
(٣) رواه الترمذي في كتاب الصيد باب ١٠. أبو داود في كتاب الأضاحي باب ١٧. ابن ماجه في كتاب الذبائح باب ١٥. الدارمي في كتاب الأضاحي باب ١٧. أحمد في مسنده (٣ / ٣١).