للقتل من كل شيء» فأين الوجازة (يا أُولِي الْأَلْبابِ) يا ذوي العقول وأولو جمع لا واحد له من لفظه ، وواحده ذو بمعنى صاحب. وأولات للإناث واحدتها ذات بمعنى صاحبة قال تعالى (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ) [الطلاق : ٤] وإعراب أولو كإعراب جمع المذكر السالم. وزادوا في «أولي» واوا فرقا بينها وبين «إلى» وأجرى «أولو» عليه. واللب العقل ، ولب النخلة قلبها ، وخالص كل شيء لبه. خاطب العقلاء الذين يتفكرون في العواقب ويعرفون جهات الخوف فلا يرضون بإتلاف أنفسهم لإتلاف غيرهم إلا في سبيل الله (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) يتعلق بمحذوف أي أريتكم ما في القصاص من استبقاء الأرواح وحفظ النفوس لتكونوا على بصيرة في إقامته ، راجين أن تعملوا عمل أهل التقوى في الحكم به. وهو خطاب له فضل اختصاص بالأئمة ، أو لعلكم تتقون نفس القتل الخوف القصاص. عن الحسن والأصم : وقد بقي على الآية بحث ، وهو أنه سئل إذا صح أن المقتول إن لم يقتل فهو يموت لأن المقدر من عمره ذلك القدر ، وكذا إذا هم إنسان بقتل آخر فارتدع خوفا عن القصاص فإن ذلك الآخر يموت وإن لم يقتله ذلك الإنسان لأن كل وقت صح وقوع قتله صح وقوع موته ، فكيف يفيد شرع القصاص حياة؟ والجواب أنه تعالى قد جعل لكل شيء سببا يدور مسببه معه وجودا وعدما. وشرعية القصاص مما جعلها تعالى سببا لحياة من أراد حياته بعد أن تصور الهامّ قتله ، وذلك بأن تذكر القصاص فارتدع عما هم به. ففائدة شرع القصاص هي فائدة سائر الأسباب والوسائط ومنكر فائدتها. وكلا الإنكارين مذموم وصاحبهما عند العقلاء ملوم والله أعلم.
التأويل : كما كتب القصاص في قتلاكم كتب على نفسه الرحمة في قتلاه وقال : من أحبني قتلته ومن قتلته فأنا ديته (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) أي من كان متوجها إليه تعالى بالكلية كان فيضه تعالى متصلا به بالكلية ، ومن كان في رق غيره من المكوّنات لم يتصل به فيضه غاية الاتصال ، ومن كان ناقصا في دعوى محبته لم يكن مستحقا لكمال محبته (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) من الأحباء والأصفياء (شَيْءٌ) من أنواع البلاء والابتلاء الذي هو موكل بالأنبياء والأولياء فإنه معروف من معارفه. فالواجب على العبد أداء شكره إلى الله بإحسان. (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) الوفاء بملابسة الجفاء وألقى جلباب الحياء (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) فإن الكفر مرتعه وخيم (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) الدارين والتقاء برب الثقلين (يا أُولِي الْأَلْبابِ) الذين بدلوا قشر الروح الإنساني عند شهود الجلال الصمداني (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*) شرك وجودكم.
(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى