تزكية البدن وإصلاحه بلقمة الحلال. وذكر النبي صلىاللهعليهوسلم الرجل يطيل السفر يمد يده إلى السماء أشعث أغبر يقول : يا رب يا رب. ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ وذكر المحققون أن الدعاء مفتاح باب السماء ، وأسنانه لقمة الحلال. وأما وقت الدعاء ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له» (١) وعن أبي أمامة قال : يا رسول الله أيّ الدعاء أسمع؟ قال : جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات. وعن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «الدعاء بين الآذان والإقامة لا يرد» (٢) وزاد في رواية قال : فماذا نقول يا رسول الله؟ قال : سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أقرب ما يكون العبد من ربه عزوجل وهو ساجد فأكثروا الدعاء» (٣) وعنه أنه قال «من سره أن يستجيب الله له دعاءه عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء» وعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» (٤) وأما كيفية الدعاء فعن فضالة بن عبيد أن النبي صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يدعو في صلاته فلم يصلّ على النبي صلىاللهعليهوسلم. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم عجل هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره «إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلىاللهعليهوسلم ثم ليدع بعد ما شاء». وعن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد حتى يصلى عليّ فلا تجعلوني كغمر الراكب صلوا عليّ أول الدعاء وأوسطه وآخره». ومن لطائف الآية أنه تعالى قال (فَإِنِّي قَرِيبٌ) دون أن يقول «فقل إني قريب» كما قال في سائر الأسئلة والأجوبة. وذلك في مواضع من كتابه (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء : ٨٥]
__________________
(١) رواه أحمد في مسنده (٢ / ٥٢١) (٤ / ١٦).
(٢) رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب ٣٥. الترمذي في كتاب الصلاة باب ٤٤. أحمد في مسنده (٣ / ١١٩ ، ١٥٥).
(٣) رواه مسلم في كتاب الصلاة حديث ٢١٥. النسائي في كتاب المواقيت باب ٣٥. الترمذي في كتاب الدعوات باب ١١٨. أحمد في مسنده ٢ / ٤٢١.
(٤) رواه الترمذي في كتاب الجنة باب ٢ ، كتاب الدعوات باب ١٣٠.