السادسة : قال بعض المتكلمين ومنهم الأشعري : إن الاسم غير المسمى وغير التسمية وهو حق ، لأن الاسم قد يكون موجودا والمسمى معدوما كلفظ المعدوم والمنفي ونحو ذلك ، وقد يكون بالعكس كالحقائق التي لم توضع لها أسماء ، ولأنّ الأسماء قد تكون كثيرة مع كون المسمى واحدا كالأسماء المترادفة وكأسماء الله التسعة والتسعين ، أو بالعكس كالأسماء المشتركة ، ولأن كون الاسم اسما للمسمى وكون المسمى مسمى له من باب الإضافة كالمالكية والمملوكية ، والمضافان متغايران لا محالة. ولا يشكل ذلك بكون الشخص عالما بنفسه لأنهما متغايران اعتبارا ، ولأن الاسم أصوات وحروف هي أعراض غير باقية والمسمى قد يكون باقيا بل واجب الوجود لذاته ، ولأنه لا يلزم من التلفظ بالعسل وجود الحلاوة في اللسان ، ومن التلفظ بالنار وجود الحرارة. وقال المعتزلة : الاسم نفس المسمى لقوله تعالى (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) [الرحمن : ٧٨] مكان «تبارك ربك» : والجواب أنه كما يجب علينا تنزيه ذات الله تعالى من النقائص يجب تنزيه اسمه مما لا ينبغي. وأيضا قد يزاد لفظ الاسم مجازا كقوله : إلى الحول ثم اسم السلام عليكما. قالوا : إذا قال الرجل : زينب طالق. وكان له زوجة مسماة بزينب طلقت شرعا. قلنا : المراد الذات التي يعبر عنها بهذا اللفظ طالق فلهذا وقع الطلاق عليها ، والتسمية أيضا مغايرة للمسمى وللاسم لأنها عبارة عن تعيين اللفظ المعين لتعريف الذات المعينة ، وذلك التعيين معناه قصد الواضع وإرادته ، والاسم عبارة عن ذلك اللفظ المعين فافترقا.
السابعة : وضع الأسماء والأفعال سابق على وضع الحروف ، لأن الحروف رابطة بينهما. والظاهر أن وضع الأسماء سابق على وضع الأفعال لأن الاسم لفظ دال على الماهية والفعل لفظ دال على حصول الماهية لشيء من الأشياء في زمان معين ، فكأن الاسم مفرد والفعل مركب والمفرد سابق على المركب طبعا فيكون سابقا عليه وضعا وأيضا الفعل مفتقر إلى الفاعل ، والفاعل لا يفتقر إلى الفعل. وأيضا الاسم مستغن في الإفادة عن الفعل دون العكس ، والأظهر أن أسماء الماهيات سابقة بالرتبة على الأسماء المشتقات ، لأن الأولى مفردة والثانية مركبة ، ويشبه أن تكون أسماء الصفات سابقة بالرتبة على أسماء الذوات القائمة بأنفسها لأنا لا نعرف الذوات إلا بتوسط الصفات القائمة بها والمعرف معلوم قبل المعرّف فيناسب السبق في الذكر.
الثامنة : أقسام الأسماء الواقعة على المسميات تسعة : أولها : لاسم الواقع على الذات. ثانيها : الاسم الواقع على الشيء بحسب جزء من أجزائه كاليحوان على الإنسان ثالثها : الواقع عليه بحسب صفة حقيقية قائمة بذاته كالأسود والحارّ. رابعها : الواقع عليه بحسب صفة