و (أَضْعافاً) نصب على الحال أو على المفعول الثاني إن ضمن ضاعف معنى صير ، ويجوز أن يكون مصدرا لأن الضعف وإن كان اسما إلا أنه قد يقع موقع المصدر كالعطاء فإنه اسم للمعطى ، وقد يستعمل بمعنى الإعطاء قال القطامي :
أكفرا بعد رد الموت عني |
|
وبعد عطائك المائة الرتاعا؟ |
وإنما جاز جمع المصدر بحسب اختلاف أنواع الجزاء لاختلاف الإقراض في المقدار والإخلاص وغير ذلك. والضعف المثل ، والتضعيف والأضعاف والمضاعفة كلها الزيادة على أصل الشيء حتى يصير مثلين أو أكثر. قيل : الواحد بسبعمائة. وعن السدي أن هذا التضعيف لا يعلم أحدكم هو وما هو ، وإنما أبهمه الله تعالى لأن ذكر المبهم في باب الترغيب أقوى من ذكر المحدود (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) يقتر على عباده ويوسع فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم لا يبدلكم الضيقة بالسعة. وأيضا من كتب له الفقر فليس له إلا ذلك سواء أنفق أو لم ينفق ، ومن كتب له الغنى فليس له إلا ذلك. فعلى التقديرين يكون إنفاق المال في سبيل الله أولى. وإذا علم المكلف أن القبض والبسط بالله انقطع نظره عن مال الدنيا وبقي اعتماده على الله ، فحينئذ يسهل عليه الإنفاق في مرضاة الله. ويحتمل أن يكون المعنى : والله يقبض بعض القلوب حتى لا يقدم على هذه الطاعة ، ويبسط بعضها حتى يسهل عليه البذل وصرف المال. (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فيجازيكم بحسب ما قدمتم من أعمال الخير والله ولي التوفيق وإليه انتهاء الطريق.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨) فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا