أنه صلىاللهعليهوسلم قال «يا أبا هريرة إذا توضأت فقل : «بسم الله الرحمن الرحيم» فإن حفظتك لا يستريحون أن يكتبوا لك الحسنات حتى تفرغ ، وإذا غشيت أهلك فقل : «بسم الله الرحمن الرحيم» فإن حفظتك يكتبون لك الحسنات حتى تغتسل من الجنابة ، فإن حصل من تلك المواقعة ولد كتبت له من الحسنات بعدد نفس ذلك الولد وبعدد أنفاس أعقابه إن كان له عقب حتى لا يبقى منهم أحد. يا أبا هريرة إذا ركبت دابة فقل : «باسم الله والحمد لله» يكتب لك الحسنات حتى تخرج منها» وعن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا نزعوا ثيابهم أن يقولوا بسم الله الرحمن الرحيم» والإشارة فيه إذا صار هذا الاسم حجابا بينك وبين أعدائك من الجن في الدنيا أفلا يصير حجابا بينك وبين الزبانية في العقبى؟.
كانت لنفسي أهواء مفرّقة |
|
فاستجمعت إذ رأتك النفس أهوائي |
فصار يحسدني من كنت أحسده |
|
وصرت مولى الورى مذ صرت مولاي |
تركت للناس دنياهم ودينهم |
|
شغلا بذكرك يا ديني ودنيائي |
هذا تمام الكلام في تفسير البسملة.
وأما تفسير الفاتحة ففيه أيضا مسائل : الأولى : في أسماء هذه السورة وهي كثيرة ، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى.
فالأول : فاتحة الكتاب سميت بذلك لأنه يفتتح بها في المصاحف وفي التعليم وفي القراءة في الصلاة ، ولأن الحمد فاتحة كل كتاب كما هي فاتحة القرآن. وقيل : لأنها أول سورة نزلت من السماء.
الثاني : سورة الحمد لأن أولها الحمد.
الثالث : أم الكتاب وأم القرآن لأنها أصل القرآن وأصل كل كتاب منزل لاشتمالها على الإلهيات والمعاد وإثبات القضاء والقدر والنبوات ، أو لأن فيها حاصل جميع الكتب السماوية وذلك هو الثناء على الله والاشتغال بالخدمة والطاعة وطلب المكاشفات والمشاهدات ، أو لأن المقصود من جميع العلوم معرفة عزة الربوبية وذلة العبودية ، أو لأنها أفضل سور القرآن كما أن مكة وهي أم القرى أشرف البلدان ، أو أصل لجميع البلدان حيث دحيت من تحتها ، وكما أن الحمى سميت أم ملدم لأنهم جعلوها معظم الأوجاع واللدم الضرب.