من بيع الخمر مالا فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله؟ فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة ، إن الله لا يقبل إلا الطيب ، وأنزل الله عزوجل تصديقا لقول رسوله (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) وهو عام في حرام الأموال وحلالها وفاسد الأعمال وصالحها وسقيم المذاهب وصحيحها ورديء النفوس وجيدها ، وأخبث الخبائث الروحانية الجهل والمعصية ، وأطيب الطيبات الروحانية معرفة الله تعالى وطاعته ، والبون بين الصنفين في العالم الروحاني أبعد منه في العالم الجسماني ، لأن أثرهما في عالم الأرواح أبقى وأدوم وأجل وأعظم ، فلا تستبدل الخبيث يا إنسان بالطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ، لأن كثرته في التحقيق قلة ، ولذته في نفس الأمر ذلة ، ونقده زيف وصرف العمر في طلبه حيف.
التأويل : (لا تُحَرِّمُوا) على أنفسكم بالاستمتاعات النفسانية (طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) دون سائر المخلوقات من المواهب الربانية (وَلا تَعْتَدُوا) ولا تجاوزوا عن حد العبودية (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) واجتهدوا في طلب ما خصكم به الله من تجلي جماله وجلاله (حَلالاً طَيِّباً) يحل فيكم بريئا من سمات النقائص. (بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) أن تحلفوا بآلائه عن التبرم من ولائه لملالة النفوس وكلالة القوي واستيلاء النفس وغلبة سلطان الهوى في أثناء المجاهدات وإعواز المشاهدات (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ) إذا عزمتم على الهجران وتعرضتم للخذلان (فَكَفَّارَتُهُ) حينئذ (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) الحواس الظاهرة والباطنة. (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) وهم القلب والسر والروح والخفاء ، طعامهم الشوق والمحبة والصدق والإخلاص والتفويض والتسليم والرضا والأنس والهيبة والشهود والكشوف ، وأوسطه الذكر والتذكر والفكر والتفكر والشوق والتوكل والتعبد والخوف والرجاء يشغل الحواس العشرة بهذه الأمور ، أو يكسوهم لباس التقوى ، أو يحرر رقبة النفس من عبودية الحرص والهوى (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أمسك في اليوم الماضي عما عزم عليه وفي اليوم الحاضر عما لا يعنيه وفي اليوم المستقبل عن العود إليه. ومن لغو اليمين عند أرباب اليقين أن الطالب الصادق عند غلبات الشوق ووجدان الذوق يقسم عليه بجماله وحلاله أن يرزقه شيئا من إقباله ووصاله وذلك في شريعة الرضا لغو ، وفي مذهب التسليم سهو ولكن يرجى له عفو فلا يؤاخذه بمقاله لعلمه بضعف حاله والكمال في الثبات والاستقامة.
أريد وصاله ويريد هجري |
|
فأترك ما أريد لما يريد |
ومن اللغو في اليمين عندهم ما يجري على لسانهم في حال غلبات الوجد من تجديد