التأويل : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ) من الهوى والغضب والكبر لفرعون النفس (أَتَذَرُ مُوسى) الروح (وَقَوْمَهُ) من القلب والسر والعقل (لِيُفْسِدُوا) في أرض البشرية (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) من الدنيا والشيطان والطبع (قالَ) فرعون النفس (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ) يعني أعمالهم الصالحة نبطلها بالرياء والعجب (وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) أي الصفات التي عنها يتولد الأعمال (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) بالمكر والخديعة والحيلة (قالَ مُوسى) الروح (لِقَوْمِهِ) هم القلب والعقل والسر (اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا) على جهاد النفس ومخالفتها ومتابعة الحق (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ) أي أرض البشرية (يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) يورث أرض بشرية السعداء الروح وصفاته فتتصف بصفاته ، ويورث أرض بشرية الأشقياء النفس وصفاتها فتتصف بصفاتها (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) يعني عاقبة الخير والسعادة للأتقياء السعداء بصفاتها. (أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا) بالواردات الروحانية قبل البلوغ ، كنا نتأذى من أوصاف البشرية ومعاملاتها (مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) بالواردات والإلهامات الروحانية بعد البلوغ نتأذى من دواعي البشرية (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ) النفس وصفاتها وفيه إشارة إلى أن الواردات الروحانية لا تكفي لإفناء النفس وصفاتها ولا بد في ذلك من تجلي صفات الربوبية (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) الكفور لا يرى فضل المنعم.
وكذا الملول إذا أراد قطيعة |
|
مل الوصال وقال كان وكانا. |
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) لأن بصائرهم مسدودة وعقولهم عن شهود الحق مصدودة (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) العلم الكثير (وَالْجَرادَ) الواردات (وَالْقُمَّلَ) الإلهامات (وَالضَّفادِعَ) الخواطر (وَالدَّمَ) أصناف المجاهدات والرياضات (مُفَصَّلاتٍ) وقتا بعد وقت وحينا غب حين (فَاسْتَكْبَرُوا) عن قبولها والعمل بها (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) في الأزل ، فلهذا لم تفدهم الوسائط والأسباب (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ) وهو عذاب القطيعة (فَأَغْرَقْناهُمْ) في يم الدنيا وشهواتها (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) أي يرفعون بالتجبر والتكبر أنفسهم. يقال عرش الطائر إذا ارتفع بجناحيه على من تحته (وَجاوَزْنا) بصفات القلب من بحر الدنيا وخلصناهم من فرعون النفس فوصلوا إلى صفات الروح. (يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) من المعاني المعقولة والمعارف الروحانية فاستحسنوها وأرادوا العكوف على عتبة عالم الأرواح (قالَ) لهم موسى الوارد الرباني عند ركونهم إلى الروحانيات (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) يعني صفات الروح (مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ) من الركون والعكوف على استحلاء المعاني المعقولة (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) في غير طلب الحق والوصول إلى المعارف الربانية (وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) من الحيوان والجن والملك بفضيلة العبور من الجسمانيات والروحانيات إلى الوصول إلى المعارف والحقائق الإلهية.