انبساطه عند التمكن على بساطه فـ (قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) فقيل : هيهات أنت بعد في بعد الاثنينية وحجب جبل الأنانية فلن تراني لأنه لا يراني إلا من كنت له بصرا فبي يبصر (وَلكِنِ انْظُرْ) إلى جبل الأنانية (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ) عند التجلي (فَسَوْفَ تَرانِي) ببصر أنانيتك (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) بالأنانية فكان ما كان بعد أن بان ما بان وأشرقت الأرض بنور ربها.
قد كان ما كان سرا أبوح به |
|
فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر |
فلو لم يكن جبل أنانية النفس بين موسى الروح وتجلي الرب لطاش في الحال وما عاش ، ولو لا أن القلب يحيا عند الفناء بالتجلي لما أمكنه الإفاقة والروح إلى الوجود ، ولو لم يكن تعلق الروح بالجسد لما استسعد بالتجلي ولا بالتحلي فافهم. (فَلَمَّا أَفاقَ) من غشية الأنانية بسطوة تجلي الربوبية (قالَ) موسى بلا هويته (سُبْحانَكَ) تنزيها لك من خلقك واتصال الخلق بك (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بأنك لا ترى بالأنانية وإنما ترى بنور هويتك. (بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) دون رؤيتي (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) فإن الشكر يبلغك إلى ما سألت من الرؤية لأن الشكر يورث الزيادة والزيادة هي الرؤية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] (فَخُذْها بِقُوَّةٍ) أي بقوة الصدق والإخلاص أو بقوة وإعانة منا (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) الخارجين عن طلب الله إلى طلب الآخرة أو الدنيا (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) فبحجاب التكبر يحجب المتكبر عن رؤية الآيات (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى) أي سامري الهوى من بعد توجه موسى الروح لميقات مكالمة الحق. اتخذ حلى زينة الدنيا ورعونات البشرية التي استعارها بنو إسرائيل صفات القلب من قبط صفات النفس (عِجْلاً) هو الدنيا (لَهُ خُوارٌ) يدعو الخلق به إلى نفسه (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) عند رجوع موسى الروح إلى قومه وهم الأوصاف الإنسانية ندمت من فعلها وعادت إلى ما كانت فيه من عبودية الحق والإخلاص له قائلة (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا) بجذبات العناية (رَبُّنا) الآية (غَضْبانَ) مما عبدت صفات القلب عجل الدنيا (أَسِفاً) على ما فاتها من عبودية الحق (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) بالرجوع إلى الدنيا وزينتها والتعلق بها قبل أوانه من غير أن يأمركم به ربكم. وفيه إشارة إلى أن أصحاب السلوك لا ينبغي أن يلتفتوا إلى شيء من الدنيا في أثناء الطلب اللهم إلا إذا قطعوا مفاوز النفس والهوى ووصلوا إلى كعبة وصال المولى فيأمرهم المولى أن يرجعوا إلى الدنيا لدعوة الخلق (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) يعني ما لاح للروح من اللوائح الربانية عند استيلاء الغضب الطبيعي. (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) القلب فإنه أخو الروح (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) قسرا عند استيلاء طبيعة الروحانية (قالَ ابْنَ أُمَ) هما من أب وأم واحد أبوهما الأمر وأمهما الخلق ، وإنما نسبه إلى الخلق لأن في عالم الخلق تواضعا وتذللا بالنسبة إلى عالم