نقول : إن القادر العالم يمتنع أن لا يكون حيا فظهر أن العلم بصفاته وبأسمائه ليس واقعا في درجة واحدة بل العلم بها علوم مترتبة يستفاد بعضها من بعض ، ومن البين أن الأسماء الحسنى لا تكون إلا لله تعالى لأن كل الشرف والجلالة يستلزم وجوب الوجود ، وكل نقص وخساسة فإنه يعقب الإمكان وكل اسم لا يفيد في المسمى صفة كمال وجلال فإنه لا يجوز إطلاقه على الله تعالى. ومن هنا اختلف في أنه هل يطلق عليه اسم الشيء أم لا؟ وقد مر تحقيق ذلك في تفسير البسملة وفي الأنعام في قوله (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ) [الأنعام : ١٩] أما قوله (فَادْعُوهُ بِها) ففيه دليل على أن الإنسان لا يجوز أن يدعو ربه إلا بتلك الأسماء الحسنى بعد أن عرف معانيها ويكون مستحضرا الأمرين : عزة الربوبية وذلة العبودية ، كما أنه في قوله عند التحريم «الله أكبر» يشير إلى أنه لا نسبة لكبريائه وعظمته إلى ما سواه من الروحانيات والجسمانيات والعلويات والسفليات وإنما هو أكبر من هذه الأشياء وأكبر من أن يقال له أكبر من هذه الأشياء (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) قال ابن السكيت : الملحد العادل عن الحق والمدخل فيه ما ليس منه. يقال قد ألحد في الدين ولحد. وقال غيره من أهل اللغة : الإلحاد العدول عن الاستقامة والانحراف عنها ومنه للحد الذي يحفر إلى جانب القبر. قال الواحدي : الأجود قراءة العامة ولا يكاد يسمع من العرب لأحد بمعنى ملحد. والإلحاد في أسماء الله تعالى يقع على ثلاثة أوجه : الأوّل : إطلاق أسمائه المقدسة على الأصنام كاشتقاقهم اللات من الله والعزى من العزيز ، ومناة من المنان ، وكان مسيلمة الكذاب يسمى نفسه الرحمن. والثاني أن يسموه بما لا يجوز عليه كما سمع عن البدو وإن قالوا بجهلهم «يا أبا المكارم ، يا أبيض الوجه ، يا نخيّ» بناء على أن النخوة مدح. الثالث : أن يأبوا تسميته ببعض أسمائه الحسنى كالرحمن مثلا. قال بعض العلماء : إن ورود الإذن في بعض الأسماء لا يجوز إطلاق سائر الألفاظ المشتقة منه عليه ، فلا يجوز أن يقال «يا معلم» وإن ورد (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) [البقرة : ٣١] وكذا في حق الأنبياء لا يجوز أن يقال إن آدم عاص أو غاو وإن ورد (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) [طه : ١٢١] ثم أوعد الملحدين في أسمائه بقوله (سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ثم لما أخبر أن كثيرا من الثقلين مخلوقون للنار حكى أن بعضا منهم مخلوقون للجنة فقال (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) وقد مر مثل هذه الآية في قصة موسى فعن قتادة وابن جريج وابن عباس أن المراد في الآية أمة محمد صلىاللهعليهوآله. وروى الربيع أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «إذا قرأها هذه لكم وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها». وعن الربيع بن أنس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية فقال : إن من أمتي قوما على الحق