مصدر أي لمسة من الشيطان ، وإما مخفف طيف «فيعل» من طاف يطيف كلين ، أو من طاف يطوف كهين. قال في الكشاف : وهذا تأكيد وتقرير لما تقدم من وجوب الاستعاذة بالله عند نزغ الشيطان وأن المتقين هذه عادتهم إذا أصابهم نزغ من الشيطان وإلمام بوسوسته. ومفعول (تَذَكَّرُوا) محذوف أي تذكروا ما أمر الله به ونهى عنه فأبصروا السداد. واعلم أن الغضب إنما يهيج بالإنسان إذا استقبح من المغضوب عليه عملا من الأعمال ثم اعتقد في نفسه كونه قادرا وفي المغضوب عليه كونه عاجزا هذا إذا كان واقفا على ظلمات عالم الأجسام فيغتر بظواهر الأمور ، أما إذا انكشف له نور من عالم العقل عرف أن المغضوب عليه إنما أقدم على ذلك العمل لأن الله تعالى خلق فيه داعية جازمة وقد علم منه تلك الحالة في الأزل ، ومتى كان كذلك فلا سبيل إلى تركها فحينئذ يفتر غضبه كما قال صلىاللهعليهوسلم : «من عرف سر الله في القدر هانت عليه المصائب» وأيضا إنه كم أساء في العمل وقد تجاوز عنه وإن الله أقدر عليه وإنه إذا أمضى الغضب كان شريكا للسباع المؤذية ، وإذا اختار العفو كان مضاهيا للأنبياء والأولياء مستأهلا للثواب الجزيل ، وإنه ربما انقلب الضعيف قويا. وبالجملة فالمراد من قوله تعالى (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) ما ذكرنا من الاعتقادات ، والمراد من قوله (تَذَكَّرُوا) الأمور تفيد ضعف تلك الاعتقادات ، أما قوله (وَإِخْوانُهُمْ) فالضمير فيه يرجع إلى الشيطان ، وجمع لأن المراد به الجنس كقوله (أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) [البقرة : ٢٥٧] والضمير المرفوع في (يَمُدُّونَهُمْ) يرجع إلى الإخوان لأن شياطين الإنس يعضدون شياطين الجن على الإغواء والإضلال ، أو إلى الشياطين فيكون الخبر جاريا على غير من هو له. والمعنى وإخوان الشياطين ليسوا بمتقين فإن الشياطين يمدونهم أي يكونون مددا لهم في الغي. وجوّز أن يراد بالإخوان الشياطين والضمير المجرور يعود إلى الجاهلين فيكون الخبر جاريا على ما هو له. قال في الكشاف : والأوّل أوجه لأن (إِخْوانُهُمْ) في مقابلة (الَّذِينَ اتَّقَوْا) قال الواحدي : عامة ما جاء في التنزيل مما يحمد ويستحب أمددت على «أفعلت» كقوله (أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ) [المؤمنون : ٥٥] (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ) [الطور : ٢٢] (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) [النمل : ٣٦] وما كان بخلافه فإنه يجيء على مددت قال (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [البقرة : ١٥] فالوجه هاهنا قراءة العامة ووجه الضم الاستهزاء والتهكم نحو (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران : ٢١] أما قوله (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) فالإقصار الكف عن الشيء. قال ابن عباس : أي لا يمسك الغاوي عن الضلال والمغوي عن الإضلال ، ومعنى «ثم» تبعيد عدم الإقصار عن المدد فإنه يجب على العاقل إذا أقبل علي غي أن يمسك عنه سريعا أن يتمادى فيه وينهمك ولهذا قيل :