وجوده ظلمات وجودكم (رَحِيمٌ) بكم حيث يغنيكم عنكم ويبقيكم به. (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) من النفوس المأسورة التي أسرت في الجهاد الأكبر عند استيلاء سلطان الذل عليها (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) من الاطمئنان إلى ذكر الله والانقياد لأحكامه (يُؤْتِكُمْ خَيْراً) مما أخذ منكم من اللذات الفانية وأسبابها وذلك هو البقاء الحقيقي والذوق السرمدي (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) يعني الميل إلى ما جبلت النفوس عليه من طموح إلى الزخارف الدنيوية (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) بالتجاوز عن حدود الشريعة ورسوم الطريقة (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) عند استيلاء الذكر عليها وقتلها بسيف الرياضة (وَاللهُ عَلِيمٌ) بأحوالها (حَكِيمٌ) فيما دبر من أمر جهادها وتزكيتها. (وَالَّذِينَ آوَوْا) ذكر الله ومحبته في القلوب (وَنَصَرُوا) المحبة بالذكر الدائم والطلب القائم (أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) في المرافقة والموافقة في الطلب والسير إلى الله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بأن الطلب حق (وَلَمْ يُهاجِرُوا) عن أوصافهم وأفعالهم ووجودهم المجازي. (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ) تمسكوا بأذيال إرادة الواصلين منكم (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) بأن تدلوهم على طريق الحق بمعاملتكم وسيركم ليقتدوا بكم وبأحوالكم (إِلَّا عَلى قَوْمٍ) أي إلا على بعض أحوالكم مما سالحتهم عليه نفوسكم بعد ما جاهدتموها وأسرتموها وأمنتم شرها ، فلا تدلوا الطلاب على هذه الأحوال لئلا يميلوا إلى الصلح في أوان الجهاد (فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) يشير إلى أن المتأخرين إذا دخلوا في زمرة المتقدمين الواصلين فهم منهم وإنهم ذوو رحم الوصول لأنه ليس عند الله صباح ولا مساء ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : «أمتي كالمطر لا يدري أوّلهم خير أم آخرهم».