في أهل بيت الرسول؟ ولأن الكل أجمعوا على جوازها بالتبعية فما الفرق؟ وأما السلام فلا كلام عليه لأنه جائز في حق جمهور المسلمين فكيف لا يجوز في آل الرسول؟ (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) والسكن ما يسكن إليه المرء وتطمئن به نفسه ، وذلك لأن دعاءه يستجاب البتة فيتطهرون بها ، وكيف لا يفيض إشراق نفسه عليهم بتوجهه إليهم والترحم لهم؟ احتج مانعو الزكاة بها في زمان أبي بكر قالوا : الوجوب مشروط بحصول السكن والآن لا سكن. وردّ عليهم بسائر الآيات. روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما حكم بصحة توبة هؤلاء قال الذين لم يتوبوا هؤلاء الذين تابوا كانوا بالأمس معنا لا يكلمون ولا يجالسون فما لهم فنزلت (أَلَمْ يَعْلَمُوا) يعني غير التائبين. وقيل : معناه ألم يعلم التائبون قبل أن يتاب عليهم وتقبل صدقاتهم (أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) الصحيحة ويقبل الصدقات الصادرة عن خلوص النية. وفائدة توسط هو أن يعلم أن الإلهية هي الموجبة لقبول التوبة لاستغنائه عن طاعة المطيعين ومعصية المذنبين فإذا انتقل العبد من حالة المعصية إلى حالة الطاعة وجب على كرمه قبول توبته. وفيه أيضا أن قبول التوبة ليس إلى الرسول. وفي قوله (عَنْ عِبادِهِ) دون «من» إشارة إلى البعد الذي يحصل للعبد عن الله بسبب العصيان أو إلى تبعيده نفسه عن الله هضما وانكسارا. وفي إضافة أخذ الصدقات إلى الله بعد أن أمر الرسول بالأخذ تشريف عظيم لهذه الطاعة ، وأنها من الله بمكان ، وأنه يربيها كما يربي أحد نافلوه حتى إن اللقمة تكون عند الله أعظم من أحد وقد جاء هذا المعنى في الحديث. ثم أمر نبيه بأن يقول للتائبين أو لغير التائبين ترغيبا لهم في التوبة (اعْمَلُوا) فيه نوع تهديد وتخويف (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ) وقد مر تفسير مثله عن قريب. والحاصل أنه كأنه قيل لهم اجتهدوا في العمل فإن له في الدنيا حكما وهو أن يراه الله ورسوله والمؤمنون ، وفي الآخرة حكما وهو الجزاء. وبوجه آخر كأنه قيل : إن كنت من المحققين فاعمل لله ، وإن كنت من الظاهريين فاعمل لتفوز بثناء شهداء الخلق وهم الرسول والمؤمنون فإنهم شهداء الله يوم القيامة ، والشهادة لا تصح إلا بعد الرؤية. ولا شك أن رؤية الله تعالى شاملة لأفعال القلوب والجوارح جميعا. أما رؤية الرسول والمؤمنين فلا تشمل أفعال القلوب إلا بإرادة الله واطلاعه وإفشائه. واعلم أنه تعالى قسم المخلفين إلى ثلاثة أقسام : منهم المنافقون الذين مردوا على النفاق ، والثاني التائبون المتعرفون بذنوبهم ، والثالث الذين بقوا مرقوفا أمرهم وذلك قوله (وَآخَرُونَ) وإعرابه كإعراب قوله (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا) ومعنى (مُرْجَوْنَ) أي مؤخرون من أرجيته وأرجأته إذا أخرته ومنه قوله : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ) [الأعراف : ١١١] كما مرّ ، وبه سميت المرجئة لأنهم جازمون بغفران ذنب التائب ولكن