(الزَّانِيَةُ) واتفاق الجمهور على حذف هذين. وقال الشافعي وأبو حنيفة : الذمي يجلد للعموم ولأنه صلىاللهعليهوسلم رجم يهوديين فالجلد أولى. وقال مالك : لا يجلد بناء على أن الكفار ليسوا مخاطبين بالفروع.
البحث الرابع في طريق معرفة الزنا وأنه ثلاثة : الأول أن يراه الإمام بنفسه فيجيء الخلاف في أن القاضي هل له أن يقضي بعلمه أم لا؟ رجح كلا مرجحون. وجه القضاء أنه يقضي بالظن وذلك عند شهادة شاهدين فلأن يقضي بالعلم أولى. ووجه عدم القضاء أن فيه تهمة والتهمة تمنع القضاء ولهذا لا يقضي القاضي لولده ووالده. وهذا الوجه في حدود الله تعالى أرجح لأن الحاكم فيه مأمور بالستر ولهذا قال النبي في قضية اللعان «لو كنت راجما بغير بينة لرجمتها» ولا فرق على القولين أن يحصل العلم للقاضي في زمان ولايته ومكانها أو في غيرهما. وعن أبي حنيفة أنه إن حصل له العلم فيهما قضى بعلمه وإلا فلا. الطريق الثاني الإقرار ويكفي عند الشافعي مرة واحدة. وقال أبو حنيفة : لا بد من أربع مرات في أربع مجالس. وجوّز أحمد أن يكون المجلس واحدا. حجة الشافعي قصة العسيف «فإن اعترفت فارجمها» والقياس على الإقرار بالقتل والردة مع أن الصارف عن الإقرار بالزنا قويّ وهو العار في الحال والقتل أو الألم الشديد في المآل ، فالإقدام على الإقرار مع هذا الصارف لا يكون إلا عن صدق ويقين. حجة أبي حنيفة قصة ما عز وإعراضه صلىاللهعليهوسلم عنه مرات حتى قال أبو بكر له بعد ما أقر ثلاث مرات : لو أقررت الرابعة لرجمك رسول الله صلىاللهعليهوسلم والقياس على الشهادة. وأجيب بأنه لا منافاة بين القضيتين فإن الأولى محمولة على أقل المراتب ، والثانية على كمالها. والفرق أن المقذوف لو أقر بالزنا مرة سقط الحد عن القاذف ، ولو شهد اثنان بزناه لم يسقط. الطريق الثالث الشهادة وأجمعوا على أنه لا بد من شهود أربعة من الرجال لقوله تعالى (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) [النساء : ١٥] ولقوله (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) والشهادة على الإقرار بالزنا كالشهادة على الزنا في أنه لا بد من شهود أربعة. وفي قول يكفي فيه اثنان لأن الفعل مما يعسر الاطلاع عليه فلزم الاحتياط فيه باشتراط الأربعة والإقرار أمر ظاهر فيكفي فيه رجلان.
البحث الخامس : أجمعت الأمة على أن المخاطب بقوله (فَاجْلِدُوا) هو الإمام حتى احتجوا به على وجوب نصب الإمام فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وقال الشافعي : السيد يملك إقامة الحد على مملوكه وهو قول ابن مسعود وابن عمر وفاطمة وعائشة. وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يملك. حجة الشافعي أنه صلىاللهعليهوسلم قال «أقيموا الحدود